قضيتهما ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الآن برّدتَ جلده » (١).
ومن طريق الخاصّة : ما رواه عطاء عن الباقر عليهالسلام ، قال : قلت له : جُعلت فداك إنّ علَيَّ دَيْناً إذا ذكرته فسد عَلَيَّ ما أنا فيه ، فقال : « سبحان الله أوَما بلغك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول في خطبته : مَنْ ترك ضياعاً فعلَيَّ ضياعه ، ومَنْ ترك دَيْناً فعلَيَّ دَيْنه ، ومَنْ ترك مالاً فلله (٢) ، فكفالة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ميّتاً ككفالته حيّاً ، وكفالته حيّاً ككفالته ميّتاً » فقال الرجل : نفّست عنّي جعلني الله فداك (٣). فلولا براءة ذمّته من الدَّيْن ، لم يحصل له نفع بالضمان ولا تنفّس عنه كربه.
ولأنّه دَيْنٌ واحد فمحلّه واحد ، فإذا صار في ذمّة الضامن ، برئت ذمّة الأوّل ، كالمحال به ، وذلك لأنّ الواحد لا يحلّ في محلّين ، وثبوت دَيْنٍ آخَر في ذمّة الضامن يقتضي تعدّد الدَّيْنين.
وقال عامّة الفقهاء ـ كالثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأصحاب الرأي ـ : إنّ المضمون عنه لا يبرأ من المال ، وللمضمون له مطالبة مَنْ شاء من الضامن ومن المضمون عنه ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي قتادة حين قضى الدَّيْن عن الميّت : « الآن برّدتَ عليه جلده » (٤).
وقوله عليهالسلام : « نفس المؤمن معلّقة بدَيْنه حتى يقضى عنه » (٥)
__________________
(١) سنن الدار قطني ٣ : ٧٩ / ٢٩٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٤ و ٧٥ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٨ ، مسند الطيالسي : ٢٣٣ / ١٦٧٣ ، مسند أحمد ٤ : ٢٨٠ ـ ٢٨١ / ١٤١٢٧ ، وعن الأخير ابنا قدامة في المغني ٥ : ٨٢ ، والشرح الكبير ٥ : ٧٢.
(٢) في المصدر : « فأكله » بدل « فلله ».
(٣) التهذيب ٦ : ٢١١ / ٤٩٤.
(٤) تقدم تخريجه في الهامش (١).
(٥) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٦ / ٢٤١٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠ / ١٠٧٨ و ١٠٧٩ ، سنن البيهقي ٦ : ٤٩ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٢٦ ـ ٢٧.