الرجوع بثلاثين ، ومعلومٌ أنّ الضامن الثاني إنّما ضمن تسعين عمّن يملك تسعين ، والأوّل ضمن تسعين عمّن يملك خمسةً وأربعين ، فكيف يؤخذ من الثاني أكثر ممّا يؤخذ من الأوّل!؟ (١).
واختلفت الشافعيّة في الجواب.
فقال الأُستاذ أبو إسحاق (٢) : يأخذ صاحب الحقّ من ورثة الضامن خمسةً وسبعين ، ويرجعون بمثلها على ورثة الأوّل ، ويرجع [ ورثة ] (٣) الأوّل على ورثة الأصيل بتركته ، وهي خمسة وأربعون ، فيكون جملة ما معهم ستّين : خمسة عشر من الأصل ، والباقي من العوض ، وذلك مِثْلا الثلاثين التالفة عليهم ، ولم يثبت لصاحب الحقّ مطالبة ورثة الثاني بكمال الدَّيْن (٤).
وقال الأكثر : له مطالبة ورثة الثاني بجميع الدَّيْن ، ثمّ هُمْ يرجعون على ورثة الأوّل بخمسة وسبعين ، ويتلف عليهم خمسة عشر ؛ للضرورة ، ويرجع ورثة الأوّل على ورثة الأصيل بتركته ، كما ذكره الأُستاذ (٥).
قال الجويني : كأنّ الأُستاذ اعتقد أنّ ضمان الأوّل لم يصح إلاّ في قدرٍ لو رجع معه في تركة الأصيل لما زاد التالف من تركته على ثلثها ، وإذا لم يصح ضمانه فيما زاد ، لم يصح ضمان الثاني عنه ، وإلاّ دارَ (٦).
قالوا : إنّما لا يؤخذ أكثر من الثلث لحقّ الورثة ، لكنّه صحيح في الجميع متعلّق بالذمّة ، فيكون ضمان الثاني عنه فيما زاد كالضمان عن المعسر (٧).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٤.
(٢) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي المصدر : « أبو منصور ».
(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٤ ـ ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٤.