سقط الحضور عن المكفول [ به ] فيبرأ الكفيل ، كما لو برئ من الدَّيْن. ولأنّ ما التزم به من أجله يسقط عن الأصل (١) فيبرأ الفرع ، كالضامن إذا قضى المضمون عنه الدَّيْنَ أو أُبرئ منه عندهم (٢). ولأنّه تكفّل ببدنه ، فلا يلزمه ما في ذمّته ، كما لو غاب غيبةً منقطعة. ولأنّه لا يلزمه بذل نفسه فما في ذمّته أولى.
وقال مالك والحكم والليث : يجب على الكفيل المال الذي كان في ذمّته ـ وبه قال ابن سريج من الشافعيّة ـ لأنّ الكفيل وثيقة على الحقّ ، فإذا تعذّر استيفاء الحقّ ممّن هو عليه ، استوفي من الوثيقة كالرهن (٣).
والفرق ظاهر ؛ فإنّ الرهن تعلّق بالمال ، فاستوفى منه.
وقال بعض الشافعيّة : لا تبطل الكفالة ، ولا ينقطع طلب الإحضار عن الكفيل ـ وهو أصحّ قولَي الشافعيّة عندهم ـ بل عليه إحضاره ما لم يُدفن ـ وقلنا بتحريم النبش لأخذ المال ـ إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته ، كما لو تكفّل ابتداءً ببدن الميّت (٤).
وليس بجيّد ؛ لأنّ الكفالة على الإحضار إنّما يُفهم منها إحضاره حالَ الحياة ، وهو المتعارف بين الناس والذي يخطر بالبال ، فيُحمل الإطلاق عليه.
وعلى قول ابن سريج ومالك هل يطالَب بالدَّيْن أو بالأقلّ من الدَّيْن
__________________
(١) فيما عدا « ج » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الأصيل ».
(٢) المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.
(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٩٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١ ، المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١.