جاء الأجنبيّ وقال : أقرّ المدّعى عليه عندي ووكّلني في مصالحتك له إلاّ أنّه لا يُظهر إقراره خيفة أن تنتزعه منه ، فصالحه ، صحّ ؛ لأنّ قول الإنسان في دعوى الوكالة مقبول في البيع والشراء وسائر المعاملات.
وإن قال الأجنبيّ : هو منكر ، لكنّه مبطل في الإنكار ، فصالحني له على عبدي هذا لتنقطع الخصومة بينكما ، صحّ عندنا ؛ لأنّ الأصل الصحّة ، والصلح على الإنكار عندنا جائز.
وللشافعيّة وجهان :
أظهرهما على ما قاله الجويني : البطلان ؛ لأنّه صلح واقع لمنكر ، والصلح على الإنكار عندهم باطل.
والثاني : الصحّة ؛ لأنّ العقد منوط بالمتعاقدين ، وهُما متوافقان ، والاعتبار في شرائط العقد بمَنْ يباشره (١).
هذا إذا كان المدّعى عيناً ، فإن كان دَيْناً صحّ عندنا أيضاً.
وللشافعيّة طريقان :
أحدهما : إنّه على الوجهين.
وأصحّهما عندهم : القطع بالصحّة ، والفرق : إنّه لا يمكن تمليك الغير عين مالٍ بغير إذنه ، ويمكن قضاء الدَّيْن عن الغير بغير إذنه (٢).
وإن قال الأجنبيّ : إنّه منكر وأنا لا أعلم أيضاً صدقك ، وصالحه مع ذلك ، صحّ عندنا ، خلافاً للشافعيّة ؛ فإنّهم قالوا : لا يصحّ الصلح ، سواء كان المصالَح عليه له أو للمدّعى عليه ، كما لو جرى الصلح مع المدّعى عليه وهو منكر (٣).
__________________
(١ ـ ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣٦.