وليس للمُستعير دفع قيمة الأرض إلاّ باختيار المالك ، وللمالك دفع قيمة الغرس على إشكالٍ أقربه ذلك مع رضا المُستعير لا مع سخطه ، وبهذا قال الشافعي ، إلاّ أنّه قال : للمالك دفع قيمة الغرس وإن لم يرض المُستعير. وروي مثل ذلك عن أحمد (١).
وقال أبو حنيفة ومالك : له مطالبته بقلعه من غير ضمانٍ عند انقضاء المدّة ، وبه قال المزني ـ قال أبو حنيفة : إلاّ أن يكون أعاره مدّةً معلومة ورجع [ قبل ] (٢) انقضائها ـ لأنّ المُعير لم يغرّه ، فإذا طالبه بالقلع كان له ، كما لو شرط عليه القلع (٣).
وقالت الشافعيّة : ليس له ذلك إلاّ بأرش نقص الغرس ؛ لأنّه بنى وغرس في ملك غيره ، فلم يكن له المطالبة من غير ضمانٍ ، كما لو طالبه قبل انقضاء المدّة.
ثمّ منعوا من قول أبي حنيفة : « إنّ المالك لم يغرّه » لأنّ الغراس والبناء يراد للتبقية ، وتقدير المدّة ينصرف إلى ابتدائه ، كأنّه قال : لا تغرس فيما جاوز هذه المدّة ، أو لطلب الأُجرة (٤).
والأوّل عندي أقرب.
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٥ و ٣٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٤ و ٨٦ ، المغني ٥ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٦٠.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مع ». والمثبت من المصدر.
(٣) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٢٢ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢١٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٩٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨٣ ، البيان ٦ : ٤٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٨ ، المغني ٥ : ٣٦٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٦٠.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٥ و ٣٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٤ و ٨٦ ، المغني ٥ : ٣٦٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٦٠.