وهو غلط ؛ لأنّ غنائم بدر كانت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان له أن يدفعها إلى مَنْ شاء ، فيحتمل أن يكون فَعَل ذلك لهذا.
وأيضاً فالغنائم مشتركة بين الغانمين بحكم الله تعالى ، فكيف يصحّ اختصاص هؤلاء بالشركة فيها!؟
وأيضاً فلا نسلّم أنّ سعداً أعطاهم على سبيل الوجوب ، بل أراد التبرّع والوفاء بالوعد الذي لا يجب إنجازه ، أمّا على سبيل اللزوم فلا.
واعلم أنّ المذهب المشهور للشافعي ما نقلناه عنه أوّلاً من موافقة مذهبنا في بطلان شركة الأبدان (١).
وقال بعض الشافعيّة : إنّ للشافعي في هذه المسألة قولاً آخَر : إنّها جائزة ؛ لأنّ الشافعي قال في كتاب الإقرار : ولو أقرّ أحد الشريكين على صاحبه بمالٍ قُبِل إقراره ، سواء كانا شريكين في المال أو العمل (٢).
وقال غيره : هذا ليس بقولٍ آخَر ؛ لأنّه لا يتضمّن صحّة الشركة (٣).
وعن أحمد رواية أُخرى كمذهب مالك من صحّة شركة الأبدان مع اتّفاق الصنعة ، وبطلانها مع الاختلاف ؛ لأنّ مقتضى الشركة هنا أنّ ما تقبّل كلّ واحدٍ منهما من العمل لزمه ولزم صاحبه ، ويطالَب به كلُّ واحدٍ منهما ، فإذا تقبّل أحدهما شيئاً مع اختلاف صنائعهما ، لم [ يمكن ] (٤) للآخَر أن يقوم
__________________
أهل العلم ١ : ٦٤ ـ ٦٥ / ٤٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٧٩ ، بحر المذهب ٨ : ١٢٧ ، حلية العلماء ٥ : ٩٩ ، البيان ٦ : ٣٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٤ ـ ٦ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٨٠ / ١١٨٤.
(١) راجع ص ٣١٣ ، وكذا الهامش (١) منها.
(٢) بحر المذهب ٨ : ١٢٧ ، حلية العلماء ٥ : ٩٨ ، البيان ٦ : ٣٣٥.
(٣) بحر المذهب ٨ : ١٢٨ ، البيان ٦ : ٣٣٥.
(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يكن ». والمثبت من المصدر.