والحديث ممنوع ؛ لأنّه لم يروه [ أصحاب ] (١) السنن ، ثمّ ليس فيه ما يدلّ على أنّه أراد هذا العقد ، فيحتمل أنّه أراد المفاوضة في الحديث ، ولهذا روي فيه : « ولا تجادلوا فإنّ المجادلة من الشيطان » (٢).
والقياس منقوض ببيع الحصاة ، فإنّه لا يصحّ ، وكذا بيع المنابذة ، وغيرهما من البيوع الباطلة ، فإنّها تختصّ باسمٍ ، وهي فاسدة ، ولا يقتضي اختصاصها بالاسم الصحّة ، مع قيام الفرق بين الأصل والفرع ، فإنّ شركة العنان تصحّ بين الكافرين ، والكافر والمسلم ، بخلاف هذه الشركة.
واعلم أنّ عند أبي حنيفة لشركة المفاوضة موجَباتٍ ، فمنها : أن يشارك أحدهما صاحبَه في جميع ما يكتسبه ، ويشاركه فيما يلزمه من الغرامة ، كالغصب والكفالة ، وإذا ثبت لأحدهما شفعةٌ شاركه صاحبه ، وما مَلَكه أحدهما بإرثٍ أو هبةٍ لا يشاركه الآخَر فيه ، فإن كان فيه من جنس رأس المال شيءٌ فسدت شركة المفاوضة ، وانقلبت إلى شركة العنان ، وما لزم أحدهما بغصبٍ أو بيعٍ فاسدٍ أو إتلافٍ كان مشتركاً ، إلاّ الجناية على الحُرّ ، وبدل الخلع ، والصداق إذا لزم أحدهما لم يؤاخذ به الآخَر (٣).
__________________
ـ للسرخسي ـ ١١ : ١٥٣ وما بعدها ، المحيط البرهاني ٦ : ٧ ـ ٨ ، النتف ١ : ٥٣١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٣ ـ ٥ ، بحر المذهب ٨ : ١٢٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٠٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٠٠ ، البيان ٦ : ٣٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٢ ، المغني ٥ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٨ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥.
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « صاحب ». والمثبت هو الصحيح.
(٢) بحر المذهب ٨ : ١٢٧ ، المغني ٥ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٠.
(٣) تحفة الفقهاء ٣ : ٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ١٩ ـ ٢٠ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٦٤ / ٣٣٢٧ و ٣٣٢٨ و ٣٣٣١ ، الفقه النافع ٣ : ٩٩٠ / ٧١٢ ، النتف ١ : ٥٣٢ ـ ٥٣٣ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٥ ، بحر المذهب ٨ : ١٢٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٠٠ ،