وفي غزوة الخندق تآمرت عليه آخر قبيلة بقيت منهم في المدينة مع قريش وحلفائها فأخزاهم الله جميعا ورجعت قريش خائبة ، وقضى الله ورسوله على شأن اليهود في المدينة.
وفي السنة السادسة من الهجرة وقعت مناظرة بين الأنصار والمهاجرين بسبب شجار وقع بين أجيرين : القرشي المهاجري والأنصاري القحطاني ، أظهر بسببه عبد الله بن ابي أحد زعماء الأنصار نفاقه وقال : (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) (المنافقون / ٨).
قصد من الأعزّ نفسه ومن الأذلّ المهاجرين من قريش ، فأخزاه الله وأذلّه ، وكشف عن نفاقه في ما أنزل على نبيّه من القرآن في سورة المنافقون.
كان ذلكم مثالا واحدا يكشف عمّا يدور في خلد ضعاف النفوس من أفراد قبائل اليمانيين في المدينة.
ومثال آخر منه ما جرى في خبر أبي عامر الفاسق كما سبق ذكره.
وإلى هذا المجتمع انتقل المهاجري القرشي بأحسابه وأنسابه كما ينجلي ذلك :
أوّلا : في قول أبي بكر لسلمان وصهيب وبلال عند ما قالوا في شأن أبي سفيان : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها. قال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدهم؟
ثانيا : في ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص وقال : نهتني قريش وقالوا تكتب كل شيء سمعته من رسول الله (ص) ورسول الله بشر يتكلّم في الرضا والغضب ... الحديث ، كما مرّ تفصيل الخبرين في ما سبق.
وفي السنة السابعة من الهجرة وادع رسول الله (ص) قريشا ، وتفرّغ بعد ذلك لليهود ، واتّجه إلى مراكز التآمر على المسلمين في خيبر وفتح حصونهم حصنا بعد حصن وقراهم في وادي القرى قرية بعد قرية ، ولم يبق بعد ذلك في الحجاز