وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً)(١) ، (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ، وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) إلى قوله : (كِتاباً نَقْرَؤُهُ)(٢) ، ثم قيل له في آخر ذلك : لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا لصاعقة في مساءلتنا إياك ، لأن مساءلتنا أشد من مساءلة قوم موسى لموسى. وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قاعدا ذات يوم بمكة ، بفناء الكعبة ، إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش ، منهم : الوليد بن المغيرة المخزومي ، وأبو البختري بن هشام ، وأبو جهل بن هشام ، والعاص بن وائل السهمي ، وعبد الله بن أبي أمية ، وجمع ممن يليهم كثير ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في نفر من أصحابه ، يقرأ عليهم كتاب الله ، ويذكرهم عن الله أمره ونهيه ، فقال المشركون بعضهم لبعض : لقد استفحل أمر محمد ، وعظم خطبه ، تعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته وتوبيخه والاحتجاج عليه ، وإبطال ما جاء به ، ليهون خطبه على أصحابه ، ويصغر قدره عندهم ، فلعله أن ينزع عما هو فيه من غيّه وباطله وتمرده وطغيانه ، فإن انتهى وإلا عاملناه بالسيف الباتر.
قال أبو جهل : فمن ذا الذي يلي كلامه ومحاورته؟ فقال عبد الله بن أبي أمية المخزومي : أنا لذلك ، أفما ترضاني قرنا حسيبا ، ومجادلا كفيّا؟ قال أبو جهل : بلى. فأتوه بأجمعهم ، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية ، فقال : يا محمد ـ وذكر طلبه من محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما أجابه به ـ فقال : وأما قولك : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ، الوليد بن المغيرة بمكة ، أو عروة بن مسعود بالطائف ، فإن الله تعالى ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت ،
__________________
(١) الفرقان : ٧ و ٨.
(٢) الإسراء : ٩٠ ـ ٩٣.