١. انّ المعتبر عند الشارع وإن كان يختلف مع المعتبر عند العرف ، لكن الاختلاف ليس بالتباين بل بالأقل والأكثر ، والمفهوم الشرعي لأجل زيادة القيود أضيق من المفهوم العرفي.
٢. انّك قد عرفت أنّه ليس للشارع في باب المعاملات دور فالأسباب والمسببات ووضع اللفظ في مقابل الأسباب كلّها من العرف والعقلاء ، وعندئذ فإذا قال الشارع : « أوفوا بالعقود » فمعنى ذلك أوفوا بالأسباب الصحيحة العرفية ، غاية الأمر أنّ الأمر بالوفاء بعامة العقود إنّما هو بالإرادة الاستعمالية ، فلو افترضنا مورداً ما لم تتعلق به الإرادة الجدية كبيع المنابذة الذي هو بمعنى تعين المبيع برمي الحجارة على قطيع غنم بإصابة شاة معينة ، يشير إليه الشارع بقوله : « لا منابذة في البيع » فإذا سكت فيعلم أنّ السبب الصحيح عند العرف هو السبب الصحيح عند الشرع.
وبعبارة أُخرى : يتخذ السبب الصحيح عرفاً مرآة وطريقاً إلى السبب الصحيح شرعاً ، وإلاّ تلزم لغوية الخطابات الإمضائية ، وهذا هو الذي يشير إليه الشيخ الأعظم في آخر تعريف البيع ويقول : وأمّا وجه تمسّك العلماء بإطلاق أدلة البيع ونحوه فلأنّ الخطابات لما وردت على طبق العرف ، حُمِل لفظ البيع وشبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف ، أو على المصدر الذي يراد من لفظ ( بعت ) فيستدل بإطلاق الحكم بحله أو بوجوب الوفاء على كونه مؤثراً في نظر الشارع أيضاً. (١)
والحاصل : انّ المهم في المقام هو أنّ القول بوضع الألفاظ للصحيح لا يوجب إجمال الأدلة الإمضائية ، ولو قلنا بالإجمال في العبادات ـ على وجه الفرض ـ
__________________
١ ـ المتاجر : ٨٠ ، آخر تعريف البيع.