باب التوبة
لا خلاف في وجوبها (١) [فورا] ؛ لأن الإصرار على المعاصي عصيان ، والعاصي مخاطب بترك معصيته في كل وقت.
وتصح مدة العمر ما لم تحضره ملائكة الموت ؛ لقوله تعالى : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) (٢) ونحوها.
وهي : الندم والعزم على ترك العود إلى المعاصي.
مانكديم [هي] : الندم ، والعزم شرط فيها. وهو قريب (٣).
وشرطها (٤) : الإصلاح فيما يتعلق بالآدمي من تسليم النفس والأطراف للقصاص وتسليم الأروش والديون والودائع ، ونحو ذلك ، أو العزم إن لم يتمكن من ذلك حالها وأن يكون الندم لأجل وجه القبح من الإصرار وعصيان الله تعالى ؛ لأنه إذا كان الندم لأجل مشقة الفعل ، أو أمر دنيوي يتعلق به (٥) ، أو بالترك فقط (٦) ، أو للذم والعقاب فقط (٧) أو للمجموع من دون وجه القبح بقي التائب غير نادم من عصيان الله تعالى من الظلم ، وهما بذر القبح الذي ثمرته الذم والعقاب.
وقيل : غير ذلك. وهو صحيح إن تضمن الندم من وجه القبح. لكن هذا القدر كاف لحصول الرجوع من التائب والإقلاع بذلك.
__________________
(١) عقلا وسمعا ، أما عقلا فلأنها دفع ضرر عن النفس ، ودفع الضرر عن النفس واجب عقلا ، وأما سمعا فلورود الآيات الكثيرة.
(٢) الفرقان : ٢٢.
(٣) أي : قريب من الأولى ، أو قريب من القول الأول ؛ إذ لا ثمرة لهذا الخلاف.
(٤) أي : شرط صحتها أمران.
(٥) أي : يتعلق بالفعل من نقصان رزق ، أو حظ ، أو نحو ذلك.
(٦) أي : كان تركه للقبيح ، وفعله للطاعة لأمر دنيوي فقط.
(٧) لفظ المتن المطبوع (أو لأجل الذم والعقاب) وما أثبتناه لفظ الشرح المخطوط.