الأشقياء [على الله تعالى] لانتفاء الفرق عندهم بين من يخافه تعالى بالغيب ، وبين من لا يخافه إلا عند مشاهدة العذاب ، فيقولون : تبنا كالتائبين ، وأطعناك كالمطيعين.
ومع الفناء ، ثم البعث يعلمون علما بتّا لأجل فنائهم وإعادتهم أن الله حق. قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ (١) وأن الواصل إليهم جزاء قطعا ، لإخبار الله تعالى إياهم بذلك في الدنيا على ألسنة الرسل ولإخبارهم أيضا في الآخرة به ، فيكون أعظم حسرة على العاصين ، وأتم سرورا للمثابين مع انتفاء حجة الأشقياء على الله ؛ لأن الآخرة دار جزاء لا دار عمل ، والله تعالى أعلم.
فصل [في بيان الرزق]
العدلية : والرزق الحلال من المنافع والملاذ.
المجبرة : بل والحرام (٢).
قلنا : نهى الله تعالى عن تناوله والانتفاع به ، فهو كما (٣) لا يتناول ولا ينتفع به ، وهو ليس برزق اتفاقا.
وأيضا لم يسم الله تعالى رزقا إلا ما أباحه به دون ما حرمه ، قال [الله] تعالى (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) وَرِزْقاً حَسَناً (٤).
المسلمون : وما ورد الشرع بتحريمه فلا يحل تناوله.
__________________
(١) فصلت : ٥٣.
(٢) وهذا بناء على قاعدتهم المنهارة في الجبر ، وهي أن أفعال العباد من الله ، وهكذا نرى جميع أقوالهم الفاسدة نتيجة لهذا الأصل المنهار ، الذي أوردهم المهالك.
(٣) أي : مثل الذي لا يتناول ولا ينتفع به.
(٤) النحل : ٦٧.