قلنا : لا يستلزم الحاجة إلا حيث كان الله تعالى لا يقدر عليه إلا به ، والله تعالى يقدر عليه ابتداء ، فهو فاعل مختار ، وقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) (١).
فصل [في أحكام قدرة العبد]
العدلية : والقدرة غير موجبة للمقدور خلافا للمجبرة (٢).
لنا : ثبوت الاختيار للفاعل المختار ضرورة ، والإيجاب ينافيه.
العدلية : وهي متقدمة على الفعل.
الأشعرية (٣) : بل مقارنة.
قلنا : محال إذ ليس إيجاد أحدهما بالأخرى بأولى من العكس.
العدلية جميعا : والله تعالى خلق للعباد قدرة يوجدون بها أفعالهم على حسب دواعيهم وإرادتهم.
الأشعرية : خلق لهم قدرة لا يوجدون بها فعلا.
قلنا : فلا فائدة إذا فيها ، ولنا ما مر (٤) ، وما نذكره الآن إنشاء الله تعالى.
الصوفية والجهمية : لم يخلق لهم قدرة البتة.
قلنا : إما أن يكون الله تعالى قادرا على أن يخلق لهم قدرة يحدثون بها أفعالهم أو غير قادر ليس الثاني ؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير ، وإن كان الأول فقد فعل
__________________
(١) الروم : ٤٨.
(٢) الذين أثبتوا للعبد قدرة كالنجارية والأشعرية ، فقالوا : القدرة موجبة للمقدور : فلا يصح وجود القدرة من دون وجود المقدور ، وإنما أثبتوا للعبد قدرة لفظا لا معنى ، فرارا مما لزم الجهمية.
(٣) وكذا النجارية.
(٤) من ثبوت الاختيار للفاعل المختار ، من وقوع الفعل حسب دواعيه وانتفائه بحسب صوارفه.