سبحانه بشهادة ضرورة العقل ، وصريح القرآن حيث يقول : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) (١) وشهادة كل عاقل عليهم.
قلنا : ليس فعل العبد منازعة ، أما فعل الطاعة والمباح فواضح (٢).
وأما فعل المعصية فهو كفعل عبد قال له سيده : لا أرضاك تأكل البر ، ولا أحبسك عنه ، لكن إن فعلت عاقبتك ، ففعل العبد ليس نزاعا ، لأن النزاع المقاومة والمغالبة ، وهذا العبد لم يقاوم ولم يغالب.
قالوا : سبق في علم الله أن العاصي يفعل المعصية.
قلنا : علمه تعالى سابق غير سائق فلم يناف تمكن العاصي من الفعل والترك ، وإن سلم ما ادعت المجبرة فعلم الله سبحانه ساقه إلى التمكن إذ هو تعالى عالم أن العاصي متمكن ، وذلك إبطال للجبر.
قالوا : لو كان يقدر الكافر على الإيمان لكشف عن الجهل في حقه تعالى لو فعل ، والله يتعالى عن ذلك.
قلنا : الله تعالى عالم بالكفر وشرطه ، وهو اختياره مع التمكن من فعله ، وبالإيمان وشرطه وهو اختياره كذلك ، فلم يكشف عن الجهل في حقه تعالى ، كعدم اطلاع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على أهل الكهف ، فإنه لم يكشف عن الجهل في حقه تعالى بعد أن علم أنه لو اطلع عليهم لولّى منهم فرارا ولملئ منهم رعبا ، كما أخبر الله تعالى ؛ لأنه لا يكشف عن الجهل في حقه تعالى إلا حيث كان لا يعلم إلا أحدهما.
أئمتنا عليهمالسلام ، والبهشمية : وهي باقية (٣).
__________________
(١) فصلت : ٤٦. الجاثية : ١٥.
(٢) إذ ليس فعل ذلك مكروها لله تعالى ، بل الطاعة أرادها الله تعالى منه ، والمباح كذلك أيضا فلا منازعة له تعالى فيهما.
(٣) بعد إيجاد الفعل الأول ، ولا تعدم بعد الفعل الثاني.