قلنا : شبه تعالى فعله لرحمته [بعباده الواسعة لكل شيء] بفعل الواجب المكتوب ، لما كان تعالى لا يخلفه البتة فعبر عنه بكلمة (كَتَبَ) ، كقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (١) وهو غير واجب عليه تعالى اتفاقا.
كتاب النبوة (٢)
هي (٣) وحي الله إلى أزكى البشر (٤) عقلا وطهارة من [ارتكاب] القبائح ، وأعلاهم منصبا بشريعة (٥).
والرسالة لغة : القول المبلغ. وشرعا كالنبوة ، إلا أنه يقال في موضع (بشريعة) : (لتبليغ شريعة ، لم يسبقه بتبليغ جميعها أحد).
فصل
الهادي (٦) عليهالسلام وأهل اللطف (١) : ويجب على كل مكلف عقلا أن يعلم أنه لا بد من رسول
__________________
(١) مريم : ٧١.
(٢) النبوة : وزنها فعولة ، فإن همزت فهي من الإنباء ، وإن لم تهمز فهي من النبوة ، من نبا المكان إذا ارتفع ، وإن كان النبي من الإنباء فهو فعيل بمعنى فاعل.
(٣) أي : النبوة في حقيقة الشرع.
(٤) لتخرج الملائكة.
(٥) متعلق ب (وحي) أي : وحي الله ... بشريعة. والوحي في اللغة : الإشارة ، والكتابة ، والرسالة ، والإلهام ، والكلام الخفي ، وكلما ألقيته إلى غيرك. يقال وحيت إليه الكلام ، وأوحيت ، وهو : أن تكلمه بكلام بخفية ، وأوحى الله إلى أنبيائه : أشار إليهم. ذكر هذا في الصحاح.
(٦) والناصر عليهالسلام ، والإمام أحمد بن سليمان ، وكثير من قدماء أهل البيت عليهمالسلام.
والناصر : هو الإمام أحمد بن يحي الهادي بن الحسين عليهمالسلام ، أبو يحي الإمام الناصر ، قال السيد أبو طالب : نشأ على الزهادة والعلم ، وتربى على العبادة ، وكان سلطان الأئمة وإمام السلاطين ، ورافع منار الدين ، أخذ العلم عن أبيه عن جده ، وعنه ولده يحي ، وكان رجوعه من الحجاز سنة ٣٠١ ه وفيها ادّعى ، وكانت وقعة نغاش سنة ٣٠٧ ه ، وله مصنفات ، له مع القرامطة جهاد كثير ، ولم يزل ناعشا للدين ،