كتاب التوحيد
التوحيد هو لغة : الإفراد. واصطلاحا : قال الوصي عليهالسلام : « التوحيد أن لا تتوهمه »
فصل [والعالم محدث]
والعالم (١) محدث (٢) خلافا لبعض أهل الملل الكفرية.
لنا قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٣).
بيان الاستدلال بها : أما السموات والأرض فإنا نظرنا في خلقهما فوجدناهما لم ينفكا عن إمكان الزيادة والنقصان والتحويل والتبديل ، والجمع بينهما ، وتفريق كل منهما ، فهما مع ذلك الإمكان إما قديمتان أو محدثتان ، ليس الأول ؛ لأنا قد علمنا ضرورة أنهما لا يعقلان منفكين عنه ، وكل ذي حالة لا يعقل منفكا عن حالته يستحيل ثبوته منفكا عنها ، كالعمارة (٤) فإنها يستحيل وجودها منفكة عن إمكانها ، وكالمستحيل فإنه يستحيل تخلفه عن عدم إمكانه ، فلو كانتا قديمتين لكانتا قد
__________________
(١) قال السيد حميدان عليهالسلام : العالم عند الموحدين له معنيان.
المعنى الأول : أن يراد به جملة ما يعقل ، وما لا يعقل في السموات والأرض وما بينهما.
المعنى الثاني : أن يراد به جملة ما يعقل خاصة ، فالعالمون هم الملائكة ، والإنس ، والجن ، واحدهم عالم ، ويقال لأهل كل عصر : عالم
(٢) المحدث : هو ما سبق وجوده عدمه ، أو سبق وجوده وجود غيره.
(٣) البقرة : ١٦٤.
(٤) م ط (كالعمارة مثلا).