فصل
وهي مكفرة لكل معصية لقوله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) (١) الآية.
ويبدل الله بها مكان السيئات حسنات لقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (٢) الآية.
وقيل : يعود بالتوبة ما أحبطته المعصية (٣) ، ولا دليل على ذلك (٤).
ولا تتم النجاة بها إلا بعموم التوبة اتفاقا.
وفي إسقاطها لما خص بها من الذنوب خلاف ، الأصح أنه لا يقع (٥) لأن الآيات الواردة لا تدل إلا على العموم فقط ، نحو قوله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٦) ، ولا دليل على قبول توبة من خص بها بعض ذنوبه إلا قياس معارض بمثله ، فوجب طرحهما ، والرجوع إلى الآيات كما تقدم.
__________________
(١) طه : ٨٢.
(٢) الفرقان : ٧٠.
(٣) من ثواب الحسنات ، وهذا قول أبي القاسم البلخي ، وأبي بكر البخاري من أصحاب أبي هاشم ، وبشر بن المعتمر من البغدادية.
(٤) لأن انحباط الثواب ليس بعقاب ، وقد علمنا بالدليل القاطع بطلان الثواب بالمعصية ، فلا يعود بعد التوبة إلا بدليل ، وفي مسألة عود الحسنات ثلاثة أقوال : الأول : لا تعود مطلقا ، وهو قول الجمهور وأبي هاشم. الثاني : تعود مطلقا ، وهو قول أبي القاسم ومن معه. الثالث : تعود بتجدد الاستحقاق ، وهو قول الإمام المهدي وابن الملاحمي ، قال النجري : وهو الموافق للقواعد والأصول ، وهو اللائق أيضا بالعدل.
(٥) حكى الحاكم هذا القول عن الإمام علي عليهالسلام ، وزيد بن علي ، وجعفر الصادق ، والقاسم بن إبراهيم عليهالسلام ، وبشر بن المعتمر ، وجعفر بن مبشر ، وأبي عبد الله البصري ، قال الإمام المهدي عليهالسلام : وهو قول واصل بن عطاء ، وقاضي القضاة ، وموسى بن جعفر وغيرهم ، وقال أبو علي : إنها تصح التوبة من قبيح مع إصراره على قبيح آخر.
(٦) طه : ٨٢.