المجبرة ، فإنهم جهلوا بالله سبحانه ، حيث أثبتوا له [تعالى] أفعالا قبيحة لا تتلاشى ، فكفروا بذلك ، وسبوا الله سبحانه بنسبتها إليه عمدا ، حيث نبههم علماء العدلية في كل أوان فكفروا أيضا بذلك.
فصل
والله لا إله غيره. خلافا للوثنية والثنوية (١) ، والمجوس (٢) ، وبعض النصارى.
قلنا : من لازم كل كفءين اختلاف مراديهما ، ف (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٣) و (لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ (٤) ولرأينا آثار صنع كل واحد ، ولأتتنا رسلهم ، ولم يقع شيء من ذلك ، فهو إما أن يكون لعدم الآلهة إلا الله ، فهو الذي نريد ، أو للاضطرار إلى المصالحة ، أو لقهر الغالب [المغلوب] وأيما كان فهو عجز ، والعجز لا يكون إلا للمخلوقين ؛ إذ هو وهن العدد والآلات ، وليست إلا للمخلوقين ؛ لما ثبت من غناه سبحانه عن كل شيء لما مر ، وذلك مبطل لكونهم آلهة ، ولأن المخلوق ليس بكفء للخالق لكونه مملوكا ، والمملوك لا يشارك المالك في ملكه.
__________________
(١) الثنوية : هم كل من أثبت مع الله إلها غيره ، ويطلق على من قال بإلهين : إله للخير ، وإله للشر ، وهم فرق كثيرة.
(٢) المجوس : هم عبدة النار ، وهم يقولون بألوهية النور والظلمة ، وقيل : إنهم يدعون أن لهم نبيا يسمونه زرادشت.
(٣) الأنبياء : ٢٢.
(٤) المؤمنون : ٩١.