ولزم أيضا أن يكون لله سبحانه تأثيران : تأثير اختيار ، وهو خلقه لمخلوقاته ، وتأثير اضطرار : وهو إيجاب ذاته لصفاته ، ولا يضطر إلا المخلوق.
المقتضية : بل لأن المقتضي أوجب وجوده تعالى ، كما مر لهم (١).
لنا : ما مر [عليهم] (٢) ، وإن سلم لزم أن توجد سائر الذوات (٣) ولا تفنى ، كما مر (٤). ولزم أن يكن الله محتاجا إلى ذلك المقتضي ؛ إذ لولاه لما كان تعالى موجودا ، ولا حيا ، ولا قادرا ، ولا عالما.
فإن قيل : فهل يكفرون كالمجبرة؟
قلت : لا. ؛ لأنهم لم يثبتوا شيئا محققا يكون الله سبحانه مضطرا أو محتاجا إليه تحقيقا لتلاشي ذلك (٥) كما مر ، فلم يجهلوا بالله سبحانه ، ولم يتعمدوا سب الله [وإنما أخطئوا] حيث لم ينتبهوا لذلك اللازم ، ومن لم يتعمد سب الله فلا إثم عليه ، لقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (٦) ولم يفصل ، وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان » (٧) ولم يفصل ، بخلاف
__________________
(١) حيث زعموا أن الصفة الأخص اقتضت صفاته الأربع.
(٢) من أن المقتضي لا تأثير له ولا وجود.
(٣) وجودا أزليا.
(٤) من أن المقتضي ، وهو الصفة الأخص ثابت لكل ذات عندهم ، ومن أن تأثيره تأثير إيجاب لا اختيار.
(٥) أما المقتضية فواضح تلاشي قولهم في المقتضي. وأما من جعل الذات علة في الصفات فإنهم قالوا : إن الصفات أمور زائدة على الذات ، لا تسمى شيئا ولا لا شيء مع إنكارهم أيضا أن تكون ذات الباري علة في الصفات. ش ١ / ٤٤٧.
(٦) الأحزاب : ٥.
(٧) روي نحوه بلفظ (إن الله تجاوز لي عن أمي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وهذا في سنن البيهقي الكبرى ، وسنن ابن ماجه ، والمعجم الكبير ، والصغير للطبراني ، ومسند الشاميين ، والدار قطني ، وصحيح ابن حبان ، ومستدرك الحاكم ، وشرح معاني الآثار ، وبلفظ (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) في سنن ابن ماجه.