يرجعان إليه أو إلى غيره إن عدم المرجح ، وإن لم يعلما وجب على كل واحد منهما العمل بمقتضى ما رآه لا لأنهما مصيبان معا ، بل لإصابة الحق في حق المصيب ، ولاتقاء التجاري على الله (١) بالإخلال بما يرى وجوبه في حق المخطئ ، كمن يقسم في الليالي والقيلولة لمنكوحه في العدة جهلا ؛ إذ لا خلاف في وجوب القسمة لها ما دام جاهلا ، وفي أنه غير مصيب في حقيقة الأمر.
فصل [في ذكر النسخ والبداء]
والنسخ لغة : بمعنى الإزالة للشيء ، وبمعنى : النقل ، عند أئمتنا عليهمالسلام ، وبعض المعتزلة (٢).
وقيل : بل حقيقة في الأول ، مجاز في الثاني. وقيل : بل العكس.
وشرعا : بيان انتهاء الحكم الشرعي بطريق شرعي ، واجبة التراخي عن وقت إمكان العمل.
والبداء لغة : الظهور. واصطلاحا : رفع عين الحكم المأمور به مع اتحاد الآمر والمأمور [به] ، والقوة والفعل ، والزمان والمكان لغرض تنبه له.
ولا يجوز البداء على الله تعالى خلافا لبعض الإمامية (٣). لنا : ما مر.
واتفق المسلمون على جواز النسخ عقلا وشرعا.
[قدماء] أئمتنا عليهمالسلام : لأن لله [تعالى] أن يستأدي شكره ، وهو الامتثال والتعظيم بما شاء من العبادات ، ولكون غيرها مصالح ، وهي تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ، والأزمنة والأمكنة.
وقال غيرهم (١) : بل لأنها مصالح كلها. لنا : ما مر.
__________________
(١) أي : ولأجل تجنب التجرؤ على الله. وفي نخ (ولانتفاء التجاري على الله).
(٢) فهو حقيقة مشتركة في المعنيين معا.
(٣) ذكر النجري عن الشريف المرتضى أنهم يريدون بالبدا الذي يجوزونه النسخ لا البداء الذي يستلزم الغفلة.