فصل [في ذكر المؤثر]
ولا مؤثر حقيقة إلا الفاعل (١).
[بعض] المعتزلة (٢) والفلاسفة ، وغيرهم : بل والعلة ، والسبب ، وما يجري مجراهما ، وهو الشرط (٣) والداعي (٤).
البهشمية (٥) وغيرهم : والمقتضي (٦).
والعلة (٧) عندهم : ذات موجبة لصفة (٨) أو حكم ، وشرطها : أن لا تتقدم ما أوجبته وجودا ، بل تتقدم عليه رتبة ، وشرط الذي أوجبته أن لا يتخلف عنها.
__________________
(١) جملة الفاعلين أربعة : ١ ـ الله الخالق البارئ المصور لجميع العالم وفروعه.
٢ ـ كل حي قادر عاقل متمكن ، بما ركب الله فيه من القدرة ، ومن آلة الحركة والسكون.
٣ ـ الفاعل المكره على فعل. ٤ ـ كل حي غير عاقل.
(٢) بعض المعتزلة : هم من أثبت المعاني (أي : الأحوال) كأبي هاشم والقاضي عبد الجبار.
(٣) الشرط : هو ما يقف تأثير غيره عليه ، وليس بمؤثر فيه ، وسيأتي التعريف عليه في المتن.
(٤) الداعي : هو ما يدعو إلى الفعل ، وليس بمؤثر فيه ، وهو نوعان : داعي حكمة ، وهو علمه في الفعل مصلحة ، أو دفع مضرة ، وداعي حاجة.
(٥) البهشمية : هم أتباع أبي هاشم الجبائي ، من معتزلة البصرة ، وهو شيخ القاضي عبد الجبار الهمذاني ، ومن أهم ما تتميز به هذه الفرقة قولها بالإرادة الحادثة. ش ١ / ٢٣٧.
(٦) المقتضي : صفة تقتضي صفة أخرى ، يرجعان إلى ذات واحدة ، كالتحيز فإنه مقتضى عن الجوهرية ، والمدركية مقتضاه عن الحيية ، وهما لذات واحدة.
ومعنى الاقتضاء : أن الصفة تثبت للذات لا لأمر سوى اختصاص تلك الذات بصفة أخرى ، وليست تلك الصفة موجبة عنها ، بل يجب ثبوتها للذات المتصفة بتلك الصفة المقتضية لها ، لا لأمر سوى ذلك ، وهذا هو الفرق بينها وبين الذات
(٧) العلة في اللغة : هي ما يتغير به المحل كالمرض والحالة لكثرة تغيرها على مر الأزمنة ، والعلة : العذر أيضا.
(٨) حقيقة الصفة بالمعنى العام : كل مزية تعلم لا بانفرادها ، وقد دخل الحكم في ذلك ، وبالمعنى الخاص : كل مزية للذات راجعة إلى الإثبات ـ ليخرج ما يرجع إلى النفي ، كنفي التجسيم والحاجة والرؤية ، والجهل وغيره ، فإنها إنما تكون صفات بالمعنى العام ـ لا باعتبار غير ولا ما يجري مجرى الغير ، قالوا ، وقلنا : تعلم