المهدي (١) عليهالسلام ، والمعتزلة : بل هو الضرورية.
قلنا : لو كان هو الضرورية لكان من لم يحضرها دفعة في قلبه ، أو لم يحضرها بباله كذلك عند اشتغاله بنحو نظر ، أو بنحو تصور بعضها غير عاقل ، وذلك معلوم البطلان.
قالوا : لو كان غيرها لصح وجودها مع عدمه ، وعدمها مع وجوده.
قلنا لا يلزم صحة وجودها مع عدمه ؛ إذ هي إدراك مخصوص لا يحصل إلا به كالمشاهدة إدراك مخصوص لا يحصل إلا بمعنى ركبه الله في الحدق ، كما يأتي إنشاء الله تعالى وأما ذهابها غالبا عند نحو التفكر مع بقائه فملتزم غير قادح كذهاب المشاهدة عند غيبوبة المشاهد مع بقاء المعنى في الحدق.
فصل [في التحسين والتقبيح العقليين]
ويستقل العقل بإدراك الحسن والقبح باعتبارين اتفاقا.
[الأول] : بمعنى ملاءمته للطبع كالملاذ ، ومنافرته كالآلام.
__________________
(١) المهدي : هو الإمام المهدي أحمد بن يحي المرتضى الحسني ، ينتهي نسبه إلى الإمام الهادي عليهالسلام ، قال السيد الحافظ : هو إمام الزيدية في كل فن ، وقال القاضي : ارتضع ثدي العلم ، وربي في حجر الحلم ، وقدره لا يحتاج إلى وصف واصف ، ومحله يغني عن تعريف عارف ، كما قال بعضهم : مهما باشرت علم الفقه وجدت الجم الغفير يغترفون من بحره ، وينتجعون من غيثه ، وزنينه ، فالدفاتر بعده وإن تعددت فشيخها أحمد ، أو عددت العلماء فهو واسطة عقدها المنضد ، أو خضت علم الكلام إلى الغايات وجدت من بعده يتداولون العبارات ، فكم من غائض في بحره قد التقط الدرر الفرائد ، وعاطل نحره قد حلاه بالجواهر واليواقيت والقلائد ، وسيرته مشهورة ، قال الشيخ العلامة صالح المقبلي : الإمام المهدي هو الذي أخرج مذهب الزيدية إلى حيز الوجود ، ولد بمدينة ذمار سنة ٧٦٤ ه ودعا لنفسه بعد وفاة الإمام الناصر صلاح الدين سنة ٧٣٩ ه إلا أنها لم تدم سوى شهور ، فقد حاربه الإمام علي بن صلاح ، ثم أسره وسجنه حوالي سبع سنين بصنعاء ، وقد تفرغ في سجنه للعلم فأفاد الأمة بمؤلفاته وتحقيقاته ، ولا تزال كتبه إلى الآن المصادر الأساسية للفقه الزيدي ، وقد جمع الإمام علم المتقدمين والمتأخرين ، ومؤلفاته تقدر بنيف وسبعين مؤلفا ، توفي الإمام عليهالسلام سنة ٨٤٠ ه وقبره بظفير حجة مشهور مزور مهمل ، ويوجد بمسجدة مكتبة فيها كتب قيمة ، نسأل الله أن يهيئ لها من يخرجها إلى النور.