فصل [في الإرادة]
جمهور أئمتنا ، والبلخي ، والنظام (١) : وإرادة الله سبحانه لخلقه المخلوق نفس ذلك المخلوق ، ولأمر عباده نفس ذلك الأمر ، ولنهيهم نفس ذلك النهي ، ولإخبارهم نفس ذلك الخبر.
ووصف الله تعالى بأنه مريد ثابت عقلا وسمعا.
أما عقلا : فلأنه خالق رازق آمر ، ومثل ذلك لا يصدر من حكيم من غير إرادة ، وما فعله غير المريد فليس بحكمة ، والله سبحانه وتعالى حكيم.
وأما السمع فقال سبحانه : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢) وقال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٣).
وكذلك يوصف جل وعلا بأنه كاره عقلا وسمعا.
أما العقل : فلأن الحكيم لا يكره إلا ما كان ضد الحكمة.
وأما السمع : فقال الله سبحانه : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ) (٤) الآية.
فإرادة الله [تعالى لفعله] إدراكه بعلمه حكمة الفعل ، وكراهته جل وعلا إدراكه بعلمه قبح الفعل ، والمعلوم عند العقلاء أن إدراك المعلوم غير العالم ، وغير المعلوم ، ولا يلزم من ذلك توطين النفس ؛ لأن التوطين هو النية ، ولا يشك العقلاء أن إدراك المعلوم هو غير النية] (٥).
__________________
(١) وأبو الهذيل ، وغيرهم. قالوا : إن إرادة الله مجاز عبارة عن مراده ، كما أن سمعه وبصره مجاز عبارة عن علمه.
(٢) يس : ٨٢.
(٣) البقرة : ١٨٥.
(٤) التوبة : ٤٦.
(٥) ملاحظة : هذا الكلام بين القوسين ابتداء من قوله عليهالسلام : (ووصف الله تعالى بأنه مريد ... إلى قوله : (هو غير النية) ذكر في الشرح أنه النسخة الأخيرة التي ألحقها الإمام عليهالسلام.