تخلفتا عن ذلك الإمكان ؛ لأن الإمكان لا يكون إلا مع التمكن ، والتمكن لا يكون إلا بعد صحة الفعل ، وصحة الفعل لا تكون إلا بعد وجود الفاعل ، وما كان بعد وجود غيره فلا شك في حدوثه ، ولزم حدوث ما توقف عليه من جميع ذلك. ولزم تخلفهما عنه لو كانتا قديمتين (١) وهو محال لما بينا ، فثبت الثاني وهو حدوثهما (٢).
وأيضا (٣) هما مختلفتان ، فاختلافهما لا يخلو إما أن يكون للعدم (٤) ، أو لعلة فرضا أو لفاعل ، ليس الأول ؛ لأن العدم لا تأثير له.
ولا الثاني : لأن تأثير العلة تأثير إيجاب بزعمهم ، فلو كان كذلك لوجب أن تكون السماء أرضا والعكس ، والسفلى من السموات عليا والعكس ؛ إذ ما جعل إحداهما أرضا والأخرى سماء [ونحو ذلك] بأولى من العكس لعدم الاختيار ، فثبت أنه لفاعل ، ولزم تقدمه ضرورة عدم اختياره ، وعدم صحة كونه فاعلا لو لا تقدمه.
وأيضا (٥) هما كالمبنيات ؛ إذ لم تكن [صحة] (٦) الزيادة والنقصان ، والتحويل والتبديل ، والجمع والتفريق في المبنيات إلا لأجل أنها محدثة ، والفارق معدوم.
__________________
(١) م ط (ولو كانتا قديمتين لزم تخلفهما عنه قبل حدوثه).
وفي النسخة القلم المتن (ولزم تخلفهما عنه قبل حدوثه لو كانتا قديمتين).
(٢) في نسخة (فذلك الإمكان إمام قديم أو محدث ، ليس الأول ؛ لأن الإمكان لا يكون إلا مع التمكن ، والتمكن لا يصح أن يكون إلا عند أن يصح الفعل ، والفعل لا يصح إلا بعد وجود الفاعل ضرورة ، وما كان بعد غيره فهو محدث فثبت الثاني ، وهو حدوثه ، ولزم حدوث لازمه ، وهو السموات والأرض).
ذكر في الشرح المطبوع أنه نسخة متأخرة ، والنسخة التي أثبتها الإمام هي الأصل ، وقد ذكره في الأصل الذي لدينا على أنه نسخة عن الإمام ، بمعنى الأولى. أما في المتن المطبوع فقد جمع بين النسختين ، على أنهما نسخة واحدة ، وهو غلط ، فالكلام متكرر ، وهو بمعنى واحد ، وما أثبتناه هو الموجود في الشرح المخطوط أيضا.
(٣) هذا هو الدليل الثاني على حدوث العالم.
(٤) م ط (فاختلافهما إما للعدم).
(٥) هذا هو الدليل الثالث على حدوث العالم.
(٦) ما بين القوسين غير موجود في الشرح المخطوط.