ما لا يمكن أن يفيده الإسم الثاني : غريب المصنّف ، فأبو عبيد لم يؤلّف كتابا اسمه «المصنّف» ليستخرج منه فيما بعد الغريب الحوشي ويصنع منه كتابا ثانيا بعنوان غريب المصنّف. ولعلّ هذا الخلط في العناوين قد ساهم فيه النسّاخ بدرجة أولى ثم بعض اللغويّين الذين كثيرا ما كانوا يستشهدون بكتب أبي عبيد الثلاثة في الغريب فقالوا : غريب القرآن وغريب الحديث وزادوا إليها غريبا ثالثا فقالوا : غريب المصنّف. إلّا أنّ القرآن معلوم لا ثاني له ، ومصدره واحد ، وكذلك الحديث فهو معلوم ومصدره واحد وهو الرسول عليه الصلاة والسّلام ، بينما المصنّف مصنّفات لا تدخل تحت حصر ولا عدّ. فإذا جاز أن نقول غريب القرآن وغريب الحديث فلا يجوز أن نقول غريب المصنّف لأنّ القرآن معلوم والحديث معلوم بينما المصنّف مجهول. وعلى العكس من ذلك فلا يصحّ أن يقال الغريب القرآن أو الغريب الحديث ، وإلّا كان القرآن كلّه غريبا حوشيا ، وكانت الأحاديث النبويّة كذلك وهذا ما لا يمكن أن يكون.
فاسم الكتاب الصحيح في نظرنا هو الغريب المصنّف أو الغريب المؤلّف ، لأن جميع أبوابه في الغريب ، والإسم الأوّل أكثر تواترا من الإسم الثاني.
تاريخ التأليف :
ذكر البغدادي (١٠) الخبر التالي :
«كان عبد الله بن طاهر بن الحسين حين مضى إلى خراسان نزل بمرو يطلب رجلا فيحدّثه ليله فقيل : ما ها هنا إلّا رجل مؤدّب. فأدخل عليه أبو عبيد القاسم بن سلام فوجده أعلم الناس بأيّام الناس والنحو واللغة والفقه فقال له : من المظالم تركك أنت بهذا البلد. فدفع إليه ألف دينار وقال : أنا متوجّه إلى خراسان إلى حرب وليس أحبّ استصحابك شفقا عليك فأنفق
__________________
(١٠) تاريخ بغداد ج ١٢ / ٤٠٥.