بعده (قالُوا سَلاماً) مصدر (قالَ سَلامٌ) عليكم (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) (٦٩) مشوي (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) بمعنى أنكرهم (وَأَوْجَسَ) أضمر في نفسه (مِنْهُمْ خِيفَةً) خوفا (قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) (٧٠) لنهلكهم (وَامْرَأَتُهُ) أي امرأة إبراهيم سارة (قائِمَةٌ) تخدمهم (فَضَحِكَتْ) استبشارا بهلاكهم (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ) بعد
____________________________________
سنة ، وبينه وبين نوح ألفا سنة وستمائة وأربعون سنة ، وابنه إسحاق عاش مائة وثمانين سنة ، ويعقوب بن إسحاق عاش مائة وسبعا وأربعين سنة. قوله : (بِالْبُشْرى) هي الخبر السار ، سميت بذلك لانبساط البشرة عند حصولها. قوله : (بإسحاق ويعقوب بعده) أفاد المفسر أن المراد بالبشرى هنا هي ما يأتي في قوله : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) إلخ ، ويحتمل أن المراد هنا بقوله هنا : (بِالْبُشْرى) ما هو أعم من ذلك ، فيشمل بشراه بنجاة لوط ، وهلاك الكافرين ، وغير ذلك.
قوله : (قالُوا سَلاماً) هذه تحيتهم الواقعة منهم ، وهو منصوب بفعله المحذوف ، والتقدير سلمنا عليك سلاما. قوله : (مصدر) أي نائب عن لفظ الفعل. قوله : (قالَ سَلامٌ) إنما أتى إبراهيم بالجملة الإسمية في الرد ، لتفيد الدوام والثبوت ، فيكون الرد أحسن من الابتداء ، لأن الجملة الإسمية أشرف من الفعلية ، وقوله : (عليكم) قدره المفسر إشارة إلى أن السّلام مبتدأ ، والخبر محذوف ، والمسوغ للابتداء بالنكرة التعظيم ، على حد أشر هر ذا ناب ، أو الدعاء. قوله : (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ) ما نافية ، ولبث فعل ماض ، وأن جاء في تأويل مصدر فاعل ، والمعنى لم يتأخر مجيئه بعجل حنيذ. قوله : (مشوي) أي على الحجارة المحماة في حفرة الأرض ، وهو من فعل أهل البادية ، وكان سمينا يسيل منه الودك كما في آية الذاريات ، وكان عامة مال إبراهيم البقر.
قوله : (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ) هذا مرتب محذوف ، كما في الآية الأخرى ، فقربه إليهم فقال ألا تأكلون ، فلما رأى الخ ، في بعض الروايات قالوا : لا نأكل طعاما إلا بثمن ، قال : فإن له ثمنا ، قالوا : وما ثمنه؟ قال : تذكرون اسم الله على أوله ، وتحمدونه على آخره ، فنظر جبريل إلى ميكائيل قال : وحق لهذا أن يتخذه ربه خليلا. قوله : (خوفا) أي من أجل امتناعهم من طعامه فخاف منهم الخيانة ، على عادة الخائن ، أنه لا يأكل طعام من أراد خيانته. إن قلت : كيف يخاف إبراهيم منهم ، مع كونه خليل الرحمن ، وهم محصورون في بيته؟ أجيب : بأن خوفه لما رأى فيهم من جلال الله وهيبته ، فخوفه من ربه لا من ذواتهم.
قوله : (قالُوا لا تَخَفْ) أي جوابا لقوله لهم كما في سورة الحجر (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ). قوله : (إِلى قَوْمِ لُوطٍ) أي وهو ابن أخي إبراهيم الخليل ، وهو أول من آمن به ؛ وأبوه هاران أخو إبراهيم. قوله : (لنهلكهم) أخذ هذا المقدر من قوله في سورة الذاريات (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً) الخ. قوله : (سارة) بالتخفيف والتشديد ، وهي بنت عمه. قوله : (تخدمهم) أي على عادة نساء العرب ، لا يتحاشون خدمة الضيوف. قوله : (فَضَحِكَتْ) في سبب ذلك الضحك أقوال ، قيل : للبشرى بهلاك قوم لوط ، كما قال المفسر ، وقيل : من خوف إبراهيم ، وهو في خدمه وحشمه ، وقيل : سرورا بالولد ، وقيل : تعجبا من إتيان الولد على كبر ، وقيل : لموافقة مجيء الملائكة بهلاك قوم لوط لما قالته لإبراهيم ، فإنها قالت