بقلة المبالاة (يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ) نمفهم (كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) ذليلا (وَلَوْ لا رَهْطُكَ) عشيرتك (لَرَجَمْناكَ) بالحجارة (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) (٩١) كريم عن الرجم وإنما رهطك هم الأعزة (قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) فتتركوا قتلي لأجلهم ولا تحفظوني لله (وَاتَّخَذْتُمُوهُ) أي الله (وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) منبوذا خلف ظهوركم لا تراقبونه (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (٩٢) علما فيجازيكم (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) حالتكم (إِنِّي عامِلٌ) على حالتي (سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ) موصولة مفعول العلم (يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا) انتظروا عاقبة أمركم (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) (٩٣) منتظر (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) بإهلاكهم (نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) صاح بهم جبريل (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) (٩٤) باركين على الركب ميتين (كَأَنْ) مخففة أي كأنهم (لَمْ يَغْنَوْا) يقيموا (فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) (٩٥) (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٩٦) برهان بين ظاهر (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) (٩٧) سديد (يَقْدُمُ) يتقدم
____________________________________
إليه بفعل الطاعات. قوله : (وَدُودٌ) صيغة مبالغة ، إما بمعنى فاعل أي محب لهم ، كما قال المفسر ، أو بمعنى مفعول أي إن عباده يحبونه ، ويمتثلون أوامره ، ويجتنبون نواهيه. قوله : (ضَعِيفاً) أي لا قوة لك. قوله : (لَرَجَمْناكَ) أي رميناك بالحجارة ، وقيل المعنى لشتمناك وأغلظنا عليك بالقول. قوله : (هم الأعزة) أي لموافقتهم لهم في الدين. قوله : (ظِهْرِيًّا) منسوب للظهر ، والكسر من تغيرات النسب ، والقياس فتح الظاء ، والهاء مفعول أول ، وظهريا مفعول ثان لاتخذوا ، ووراءكم ظرف له. قوله : (منبوذا خلف ظهوركم) أي جعلتموه نسيا منسيا.
قوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) هذا وعيد عظيم وتهديد لهم. قوله : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) استئناف بياني ، كأن قاتلا قال : فماذا يكون بعد ذلك؟ قوله : (موصولة) أي بمعنى الذي. قوله : (وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) معطوف على قوله : (مَنْ يَأْتِيهِ) والمعنى سوف تعلمون الذي يأتيه عذاب يخزيه وتعلمون الكاذب. قوله : (صاح بهم جبريل) أي فخرجت أرواحهم جميعا ، وهذا في أهل قريته ، وأما أصحاب الأيكة ، فأهلكوا بعذاب الظلمة ، وهي سحابة فيها ريح طيبة باردة ، فأظلتهم حتى اجتمعوا جميعا ، فألهبها الله عليهم نارا ، ورجفت الأرض من تحتهم ، فاحترقوا وصاروا رمادا. قوله : (أَلا بُعْداً) أي هلاكا. قوله : كما (بَعِدَتْ ثَمُودُ) أي كما هلكت ثمود ، والتشبيه من حيث إن هلاك كل بالصيحة.
قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى) هذه هي القصة السابعة. قوله : (بِآياتِنا) أي التسع ، تقدم منها ثمانية في الأعراف ، والتاسعة في يونس ، وتقدم الكلام عليها. قوله : (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) قيل : المراد بالعصا ، وخصت بالذكر لكونها أكبرت الآيات وأعظمها ، وقيل : المراد به المعجزات الباهرة والحجج الظاهرة ، وسميت الحجة سلطانا ، لأن بها قهر الخصم ، كما أن السلطان به قهر غيره ، فيكون عطف عام. قوله : (وَمَلَائِهِ) أي جماعته وأتباعه. قوله : (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ) أي ما هو عليه من الكفر بتلك الآيات العظيمة. قوله : (سديد) أي صائب محمود العاقبة ، بل لا يدعو إلى خير.