شطر الحسن (قالَتْ) امرأة العزيز لما رأت ما حل بهن (فَذلِكُنَ) فهذا هو (الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) في حبه ، بيان لعذرها ، (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) امتنع (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ) به (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) (٣٢) الذليلين ، فقلن له أطع مولاتك (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ) أمل (إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ) أصر (مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣٣) المذنبين والقصد بذلك الدعاء ، فلذا قال تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ) دعاءه (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) للقول (الْعَلِيمُ) (٣٤) بالفعل (ثُمَّ بَدا) ظهر (لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) الدالات على براءة يوسف أن يسجنوه دل على هذا (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى) إلى (حِينٍ) (٣٥) ينقطع فيه كلام الناس فسجن (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) غلامان للملك أحدهما.
____________________________________
الملك ، ولأنه لما كان الملك مطهرا من بواعث الشهوة مهابا ، لا تحكم عليه الصورة شبه به. قوله : (شطر الحسن) أي نصفه ، والمعنى أن الله خلق حسنا ، فأعطي يوسف نصفه ، وقسم نصفه بين الخلائق. قوله : (فَذلِكُنَ) ذا اسم إشارة القريب لحضوره بالمجلس ، وقرن باللام المفيدة للبعد رتبته عن غيره ، ولذا فسرها المفسر بهذا التي للقريب. قوله : (الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله : (هو). قوله : (امتنع) أشار بذلك إلى أن السين والتاء زائدتان.
قوله : (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ) اللام موطئة لقسم محذوف ، وإن شرطية وقوله : (لَيُسْجَنَنَ) جواب القسم ، وحذف جواب الشرط ، لدلالة جواب القسم عليه على القاعدة في اجتماع الشرط ، والقسم أنه يحذف جواب المتأخر منهما. قوله : (فقلن له أطع مولاتك) ورد أنه ما من امرأة إلا دعته لنفسها.
قوله : (قالَ رَبِ) لما اشتد به الكرب ، توجه لربه في الفرج. قوله : (أَحَبُّ إِلَيَ) اسم التفضيل ليس على بابه ، إذ ليس له فيما يدعونه إليه محبة ورغبة. إن قلت : هو مجاب الدعوة ، فلم طلب النجاة بالسجن ، ولم يطلب النجاة العامة؟ أجيب : بأنه اطلع على أن السجن محتم عليه فدعا به ، لأن النبي لا ينطق الهوى. قوله : (مِمَّا يَدْعُونَنِي) فعل مضارع مبني على سكون الواو ، والنون الأولى للنسوة فاعل ، والثانية نون الوقاية ، وهو مثل النسوة يعفون ، فالواو ليست ضميرا بل هي لام الكلمة. قوله : (والقصد بذلك) أي بقوله والانصراف عني إلخ ، كأنه قال : اللهم اصرف عني كيدهن ، لأجل أن لا أصير من الجاهلين ، لأنك إن لم تصرفه عني صرت منهم ، إذ لا قدرة لي على الامتناع إلا بإعانتك لي.
قوله : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ) أي للعزيز وأصحابه ، وذلك أن زليخا قالت لزوجها : إن هذا العبد العبراني ، قد فضحني عند الناس ، يخبرهم أني قد راودته عن نفسه ، فإما أن تأذن لي فأخرج وأعتذر إليهم ، وإما أن تسجنه فظهر لهم سجنه ، لما فيه من المصلحة بحسب رأيهم ، مع علمهم ببراءته ونزاهته. قوله : (أن يسجنوه) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل بدا. قوله : (لَيَسْجُنُنَّهُ) اللام موطئة لقسم محذوف ، والجملة في محل نصب لقول محذوف ، والتقدير ثم ظهر لهم سجنه قائلين والله ليسجننه. قوله : (حَتَّى حِينٍ) أي وهو سبع سنين أو اثنتا عشرة سنة ، وسيأتي ذلك.
قوله : (وَدَخَلَ مَعَهُ) أي صحبته ، والمعنى كانا مقارنين له في الدخول ، وهذا مرتب على قول