(امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها) عبدها (عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا) تمييز أي دخل حبه شغاف قلبها أي غلافه (إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ) خطإ (مُبِينٍ) (٣٠) بين بحبها إياه (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ) غيبتهن لها (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ) أعدت (لَهُنَّ مُتَّكَأً) طعاما يقطع بالسكين للاتكاء عنده وهو الأترج (وَآتَتْ) أعطت (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ) ليوسف (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) أعظمنه (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) بالسكاكين ولم يشعرن بالألم لشغل قلبهن بيوسف (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) تنزيها له ما هذا أي يوسف (بَشَراً إِنْ) ما (هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (٣١) لما حواه من الحسن الذي لا يكون عادة في النسمة البشرية. في الصحيح أنه أعطي
____________________________________
ساقيه ، وامرأة صاحب سجنه ، ونسوة اسم جمع لا واحد له من لفظه. قوله : (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ) مبتدأ ، وقوله : (تُراوِدُ فَتاها) خبر أول ، وقوله : (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) خبر ثان ، وحبا تمييز محول عن الفاعل ، والأصل قد شغف حبه قلبها. قوله : (فَتاها) الفتى هو الشاب القوي. قوله : (أي دخل حبه شغاف قلبها) الشغاف جلدة رقيقة على القلب ، تمنع أذى الطعام والشراب عن القلب ، وحينئذ يكون المعنى : أن حبه خرق تلك الجلدة ، ووصل القلب وسكنه ، وقيل : إن معنى شغفها صار محيطا بقلبها كما يحيط الشغاف بالقلب ، حتى لا تكاد تنظر لغيره. قوله : (خطأ) (مُبِينٍ) أي حيث تركت ما يليق بها من العفة والستر وأحبت غير زوجها. قوله : (بِمَكْرِهِنَ) أي حديثهن ، وسمي مكرا لأنهن طالبن بذلك رؤية يوسف ، لأنه قد وصف لهن حسنه وجماله ، فتعلقن به وأحببن أن يرينه. قوله : (غيبتهن) إنما سميت الغيبة مكرا ، لإخفائها عن المغتاب كما يخفى المكر.
قوله : (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) أي وكن أربعين امرأة من أشراف المدينة ، فصنعت لهن ضيافة عظيمة. قوله : (وَأَعْتَدَتْ) أي هيأت وأحضرت. قوله : (مُتَّكَأً) سمي الطعام بذلك لأنه يتكأ عنده ، على عادة المتكبرين من أكل الفواكه حال الإتكاء قوله : (وهو الأترج) بضم الهمزة وسكون التاء وضم الراء وتشديد الجيم جمع أترجة ، ويقال فيه ترنج ، والأولى هي الفصحى. قوله : (سِكِّيناً) أي خنجرا ، وكان من عادتهن أكل الفواكه واللحم بالسكين. قوله : (وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَ) أي وقد زينته بأحسن الزينة وحبسته في مكان آخر.
قوله : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ) مرتب على محذوف تقديره فخرج فلما رأينه إلخ. قوله : (أعظمنه) أي هبنه ودهشن عند رؤيته من شدة حسنه وجماله ، يقال إنه ورث حسن آدم يوم خلقه الله عزوجل قبل أن يخرج من الجنة ، وقيل : إنهن أعظمنه لأنهن رأين عليه آثار النبوة والمهابة وعدم الالتفات إليهن ، فوقع الرعب في قلوبهن وتعجبن منه. قوله : (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) أي جرحنها حتى سال الدم ، قال وهب : مات منهن جماعة. قوله وقلن : (حاشَ) بإثبات ألف بعد الشين وحذفها قراءتان سبعيتان ، وهذا بالنظر للنطق ، وأما في الرسم فلا تكتب فيه ألف بعد الشين.
قوله : (ما هذا بَشَراً) أي معاذ الله أن يكون هذا بشرا ، إنما هذا ملك كريم على ربه. قوله : (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) المقصود من هذا ، إثبات الحسن العظيم ليوسف ، لسماعهم أنه لا شيء أحسن من