قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين [ ج ٢ ]

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين [ ج ٢ ]

تحمیل

حاشية الصاوى على تفسير الجلالين [ ج ٢ ]

170/512
*

يوسف متبرئا (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) ابن عمها ، روي أنه كان في المهد فقال (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ) قدام (فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٢٦) (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ) خلف (فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٧) (فَلَمَّا رَأى) زوجها (قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ) أي قولك ما جزاء من أراد الخ (مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَ) أيها النساء (عَظِيمٌ) (٢٨) ثم قال يا (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) الأمر ولا تذكره لئلا يشيع (وَاسْتَغْفِرِي) يا زليخا (لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ) (٢٩) الآثمين واشتهر الخبر وشاع (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ) مدينة مصر

____________________________________

قولها : (إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ) فيه إشارة إلى أنها أرادت تخفيف السجن ، وإلا فلو أرادت التطويل والتعذيب بالسجن لقالت : إلا جعله من المسجونين ، كما قال فرعون لموسى : (لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ). قوله : (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي) إلخ ، إنما قال ذلك لكونها اتهمته ، وإلا فلو سكتت ، لما كان يوسف متكلما بشيء من ذلك. قوله : (مِنْ أَهْلِها) أي ليكون أقوى في نفي التهمة عن يوسف ، وهي منفية عنه بأمور منها : أنه خرج هاربا ، والطالب لا يهرب ، ومنها : كونها متزينة بأكمل الوجوه ، ومنها : شقها للقميص من خلف. قوله : (ابن عمها) وقيل ابن خالها. قوله : (روي أنه كان في المهد) أي في الأحاديث الصحيحة وهو أحد قولين ، وقيل كان كبيرا حكيما ، وكان في ذلك الوقت جالسا مع الملك ، فلما رآهما خارج الباب ، وحصل منهما ما حصل قال : (إِنْ كانَ) إلخ ، فكان ذلك على سبيل الفتيا.

قوله : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ) إلخ ، إن قلت : إن القميص أمر ثان من قبل ، فلا معنى للتعليق عليه ، والجواب أن يقال : إن المعنى إن ثبت أن قميصه قد من قبل إلخ. قوله : (فَصَدَقَتْ) الكلام على تقدير قد لتصحيح دخول الفاء في الجواب ، لأن جواب الشرط لا يقرن بالفاء ، إلا إذا كان لا يصلح لمباشرة الأداة ، وهذا ماض متصرف يصلح لمباشرتها.

قوله : (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) أي فيما يتعلق بأمر الجماع والشهوة ، وإلا فالرجال أعظم في الحيل والمكايد ، وإنما وصف كيد النساء بالعظم ، وكيد الشيطان بالضعف ، لأن كيد النساء أقوى ، بسبب أنهن حبائل الشيطان فكيدهن مقرون بكيد الشيطان فهما كيدان ، بخلاف كيد الشيطان دونهن فكيد واحد ، ولذا قال بعضهم : أنا أخاف من النساء ، أكثر مما أخاف من الشيطان ، لأن الله تعالى يقول : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) وقال في حق النساء (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).

قوله : (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) إن قلت : إنهم قوم مشركون فلا يعرفون ذنبا مع خالقهم ، فما الذنب الذي يطلب الاستغفار منه؟ أجيب : بأن المراد بالذنب خيانتها لزوجها ، وفي هذا إشارة إلى أن العزيز قليل الغيرة ، ولذا قال بعضهم : إن تربة مصر تقتضي ذلك؟ ولذا لا ينشأ فيها الأسد ، ولو دخل فيها لا يبقى. قوله : (الآثمين) أي برمي يوسف وهو بريء. قوله : (واشتهر الخبر) قدره إشارة إلى أن قوله : (وَقالَ نِسْوَةٌ) مرتب على محذوف ، وهذا الاشتهار منها ، وذلك أنها أخبرت بعض النساء بذلك ، وأمرتهن بالكتم فلم يكتمن.

قوله : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ) اختلف في عدتهن ، فقيل خمس وقيل أربعون ، وجمع بينهما ، بأن أصل الإشاعة كان من خمس وهن : امرأة صاحب الملك ، وامرأة صاحب دوابه ، وامرأة خبازه ، وامرأة