رَبَّهُ) سيده (خَمْراً) على عادته (وَأَمَّا الْآخَرُ) فيخرج بعد ثلاث (فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ) هذا تأويل رؤياكما فقالا ما رأينا شيئا فقال (قُضِيَ) تم (الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ) (٤١) سألتما عنه صدقتما أم كذبتما (وَقالَ لِلَّذِي ظَنَ) أيقن (أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا) وهو الساقي (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) سيدك فقل له إن في السجن غلاما محبوسا ظلما. فخرج (فَأَنْساهُ) أي الساقي (الشَّيْطانُ ذِكْرَ) يوسف عند (رَبِّهِ فَلَبِثَ) مكث يوسف (فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) (٤٢) قيل سبعا وقيل اثنتي عشرة (وَقالَ الْمَلِكُ) ملك مصر الريان بن الوليد (إِنِّي أَرى) أي رأيت (سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ
____________________________________
الأيام وهي العناقيد الثلاثة التي عصرها. قوله : (سيده) أي وهو الملك. قوله : (وَأَمَّا الْآخَرُ) (فيخرج بعد ثلاث) أي من الأيام وهي السلاسل الثلاث. قوله : (فقالا ما رأينا شيئا) هذا أحد قولين ، وقيل إنهما رأيا ذلك حقيقة فرآهما مهمومين ، فسألهما عن شأنهما ، فذكر كل واحد رؤياه. قوله : (قُضِيَ الْأَمْرُ) المراد به الجنس ، أي قضي أمر كل واحد ، ويؤول إليه شأنه كذب أو صدق. قوله : (سألتما) تفسير لتستفتيان ، فالمراد المضارع الماضي.
قوله : (وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ) إن كان الظن واقعا من الساقي ، فالأمر ظاهر ، وإن كان من يوسف فهو بمعنى اليقين ، كما قال المفسر على حده (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ). قوله : (سيدك) أي وهو الملك. قوله : (محبوسا) أي طال حبسه ظلما خمس سنين. قوله : (أي الساقي) أي والمعنى أنسى الشيطان الساقي أن يذكر يوسف عند الملك ، وذلك للحكم الباهرة التي ستظهر ، وهذا أحد قولين ، وقيل إن الضمير عائد على يوسف ، والمعنى أن الشيطان أنسى يوسف ذكر ربه عزوجل حين استغاث بمخلوق ، وإسناد الإنساء للشيطان ، لأنه يفرح به ويحبه ، ظانا أن يوسف يطرد بذلك ، وإلا فالذي أنساه ذلك ربه لا الشيطان ، فإنه لا تسلط له على المرسلين ، قال تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) فلما وقع من يوسف ذلك ، عوتب ببقائه في السجن تلك المدة من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله : (قيل سبعا) أي وهي مدة مكث أيوب في البلاء ، وقوله : (وقيل اثنتي عشرة) هذا قول ثان في مدة السجن ، وقيل خمسا ونصفا قبل قوله : (اذْكُرْنِي) وسبعا بعده ، وقيل أربع عشرة سنة ، خمس قبل القول ، وتسع بعده ، وحكمة مكثه تلك المدة في السجن ، ليؤمن أهل السجن ، وليصل أمره للملك فيخرج ، والحال أنه مطلوب لا طالب ، فيتحقق له العز الذي بشر به سابقا ، فترتب على طلبه السجن وإبقائه فيه الزمن الطويل ، من الحكم العظيمة ، والأسرار الفخيمة ، والعز والسؤدد ، ما لا تحيط به العبارة ، ولا تحصيه الإشارة ، فأمور يوسف صلوات الله وسلامه عليه ، ظاهرها ذل ، وباطنها غاية العز ، على حد قول البوصيري :
لو يمس النضار هون من النا |
|
ر لما اختير للنضار الصلاء |
فبلايا الأنبياء والمقربين ، لا تزيدهم ، إلا رفعة وعزا. قوله : (وَقالَ الْمَلِكُ) إلخ. أي لما أراد الله الفرج عن يوسف ، وإخراجه من السجن ، رأى ملك مصر رؤيا عجيبة أهالته ، فجمع سحرته وكهنته ومعبريه ، وأخبرهم بما رأى في منامه ، وسألهم عن تأويلها ، فأعجزهم الله جميعا ، ليكون ذلك سببا لخلاص يوسف من السجن. قوله : (أي رأيت) أشار بذلك إلى أن المضارع بمعنى الماضي ، استحضارا للحال