أفارق (الْأَرْضَ) أرض مصر (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) بالعود إليه (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) بخلاص أخي (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (٨٠) أعد لهم (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا) عليه (إِلَّا بِما عَلِمْنا) تيقنا من مشاهدة الصاع في رحله (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ) لما غاب عنا حين إعطاء الموثق (حافِظِينَ) (٨١) ولو علمنا أنه يسرق لم نأخذه (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) هي مصر أي أرسل إلى أهلها فاسألهم (وَالْعِيرَ) أي أصحاب العير (الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) وهم قوم من كنعان (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) (٨٢) في قولنا فرجعوا إليه وقالوا له ذلك (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ) زينت (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) ففعلتموه أتهمهم لما سبق منهم من أمر يوسف (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) صبري (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ) بيوسف وأخيه (جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) بحالي (الْحَكِيمُ) (٨٣) في صنعه (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) تاركا خطابهم (وَقالَ يا أَسَفى) الألف بدل من ياء الإضافة أي يا حزني (عَلى يُوسُفَ
____________________________________
قوله : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) أشار بذلك إلى أن أبرح ضمنت معنى : أفارق الأرض مفعول به ، وأبرح تامة. قوله : (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ) إما معطوف على يأذن ، أو منصوب بأن مضمرة في جواب النفي ، كأنه قال : لن أبرح الأرض إلا أن يحكم الله ، كقولهم : لألزمنك أو تقضيني حقي ، أي إلا أن تقضيني حقي.
قوله : (فَقُولُوا يا أَبانا) إلخ إنما أمرهم بذلك ، لتزول التهمة عنهم عند أبيهم. قوله : (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) أي نسبوه للسرقة ، لأنهم شاهدوا الصواع قد أخرج من متاعه ، فغلب على ظنهم أنه سرق ، فلذلك نسبوه إلى السرقة ، وفي ظاهر الحال لا في الحقيقة. قوله : (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) أما وما كنا للعواقب عالمين ، فلم ندر حين أعطيناك الموثق ، أنه سيسرق وتصاب به ، كما أصبت بيوسف. قوله : (أي أرسل إلى أهلها) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، وكذا في قوله : (وَالْعِيرَ). قوله : (وهم قوم كنعان) أي وكانوا جيرانا ليعقوب. قوله : (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) أي سواء نسبتنا إلى التهمة أم لا ، وليس غرضهم أن يثبتوا صدق أنفسهم بهذه المقالة ، لأن دعوى الخصم لا تثبت بنفسها. قوله : (فرجعوا) أي التسعة ، وقدره إشارة إلى أن قوله : (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ) إلخ ، مرتب على محذوف. قوله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) خبر لمبتدأ محذوف ، قدره المفسر بقوله : (صبري) وتقدم أن الصبر الجميل ، هو الذي لا شكوى مع لمخلوق ، ولا جزع من فعل الخالق ، ولذلك فوض أمره لله ، ولم يسأل العير ، ولم يرسل يستخبر من القرية التي كانوا فيها ، بل استسلم للقضاء ولم يقطع الرجاء.
قوله : (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ) إنما قال ذلك ، لأنه لما طال حزنه واشتد كربه ، علم أن الله سيجعل له فرجا ومخرجا ، لأنه إذا اشتد الكرب ، كان إلى الفرج أسرع ، وقيل إن يعقوب أطلعه الله على باطن الأمر ، وأن أولاده أحياء لم يصابوا بشيء ، وأنه سيجتمع عليهم ، غير أنه أمر بكتم ذلك فلوح تلك الإشارة إلى علمه. قوله : (وأخويه) أي بنيامين وكبيرهم. قوله : (الْحَكِيمُ) في صنعه ، أي لأنه يضع الأشياء في محلها.
قوله : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) مرتب على ما ذكروه له. قوله : (الألف بدل من ياء الإضافة) أي والأصل