لصدقتموني (قالُوا) له (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ) خطئك (الْقَدِيمِ) (٩٥) من إفراطك في محبته ورجاء لقائه على بعد العهد (فَلَمَّا أَنْ) زائدة (جاءَ الْبَشِيرُ) يهودا بالقميص ، وكان قد حمل قميص الدم فأحب أن يفرحه كما أحزنه (أَلْقاهُ) طرح القميص (عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ) رجع (بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٩٦) (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) (٩٧) (قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٩٨) أخر ذلك إلى السحر ليكون أقرب إلى الإجابة أو إلى ليلة الجمعة ثم توجهوا إلى مصر وخرج يوسف والأكابر لتلقيهم
____________________________________
أيا جبلي نعمان بالله خليا |
|
نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها |
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت |
|
على نفس مهموم تجلت همومها |
أجد بردها أو تشف مني حرارة |
|
على كبد لم يبق إلا رسومها |
قوله : (أو أكثر) قيل عشرة وقيل شهر. قوله : (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) أن وما دخلت عليه ، في تأويل مصدر مبتدأ خبره محذوف وجوبا ، وجواب لو لا محذوف أيضا ، وتقدير الكلام : لو لا تفنيدكم لي موجود لصدقتموني ، والتفنيد هو تضعيف الرأي. قوله : (قالُوا) أي من حضر عنده من أولاد بنيه. قوله : (لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) أي من ذكر يوسف وعدم نسيانك إياه ، لأنه كان عندهم قد مات وهلك. قوله : (فأحب أن يفرحه) أي فقال لإخوته : إني ذهبت بالقميص ملطخا بالدم ، فأنا اذهب بهذا القميص فأفرحه كما أحزنته ، فحمله وخرج به حافيا حاسرا ، ومعه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها ، حتى أتى أباه ، وكانت المسافة ثمانين فرسخا ، فلما وصل إليه علمه في نظير تلك البشارة ، كلمات كان ورثها من أبيه إسحاق ، وهو عن أبيه إبراهيم وهي : يا لطيفا فوق كل لطيف ، الطف بي في أموري كلها كما أحب ، ورضني في دنياي وآخرتي. قوله : (فَارْتَدَّ بَصِيراً) أي رجع بصره لحالته الأولى. قوله : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) أي من أمور باطنية لا تعلمونها ، فأنتم تنظرون للظاهر ، وأنا أنظر للباطن.
قوله : (قالُوا يا أَبانَا) إلخ ، أي لما ظهر الحق وتبين ، اعتذروا لأبيهم مما وقع منهم. قوله : (اسْتَغْفِرْ لَنا) أي اطلب لنا من ربنا غفران ذنوبنا. قوله : (إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) أي آثمين. قوله : (أخر ذلك إلى السحر) فلما انتهى إلى وقت السحر ، قام إلى الصلاة متوجها إلى الله ، فلما فرغ منها رفع يديه وقال : اللهم اغفر لي جزعي على يوسف ، وقلت صبري عنه ، واغفر لأولادي ما أتوا إلي وإلى أخيهم يوسف ، فأوحى الله إليه أني قد غفرت لك ولهم أجمعين. قوله : (أو إلى ليلة الجمعة) أي وقيل إلى الاجتماع بيوسف ، ليجتمع معه على الاستغفار والدعاء لهم ، ويؤيده ما روي أنه استقبل القبل قائما يدعو ، فقام يوسف خلفه يؤمن ، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين ، حتى نزل جبريل عليهالسلام وقال : إن الله قد أجاب دعوتك في ولدك ، وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة ، وهذا إن صح فهو دليل على نبوتهم ، ويجاب عما وقع منهم بما مر. قوله : (ثم توجهوا إلى مصر) وقال أصحاب الأخبار : لما دنا يعقوب من مصر ، كلم يوسف الملك الأكبر ، وعرفه بمجيء أبيه وأهله ، فخرج يوسف في أربعة آلاف من الجند ، وركب أهل مصر معهم يتلقون يعقوب عليهالسلام ، وكان يعقوب يمشي وهو يتوكأ على يد ابنه يهودا ، فلما نظر إلى