(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) في مضربه (آوى) ضم (إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) أباه وأمه أو خالته (وَقالَ) لهم (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) (٩٩) فدخلوا وجلس يوسف على سريره (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ) أجلسهما معه (عَلَى الْعَرْشِ) السرير (وَخَرُّوا) أي أبواه وإخوته (لَهُ سُجَّداً) سجود انحناء لا وضع جبهة وكان تحيتهم في ذلك الزمان (وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي
____________________________________
الخيل والناس قال : يا يهودا هذا فرعون مصر ، قال : لا ، بل هذا ابنك يوسف ، فلما دنا كل واحد من صاحبه ، أراد يوسف أن يبدأ يعقوب بالسلام ، فقال له جبريل : خل يعقوب يبدأ بالسلام ، فقال يعقوب : السّلام عليك يا مذهب الأحزان ، وقيل إنهما نزلا وتعانقا ، وفعلا كما يفعل الوالد بولده ، والولد بوالده ، وبكيا ، وقيل إن يوسف قال لأبيه : يا أبت بكيت علي حتى ذهب بصرك ، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟ قال : بلى ، ولكن خشيت أن يسلب دينك ، فيحال بيني وبينك ، وخرج يوسف للقاء أبيه في أربعة آلاف من الجند ، لكل واحد منهم جبة من فضة ، وراية خز وقصب ، فتزينت الصحراء بهم ، واصطفوا صفوفا ، ولما صعد يعقوب ومعه أولاده وحفدته ، نظر إلى الصحراء مملوءة بالفرسان ، مزينة بالألوان ، فنظر إليهم متعجبا ، فقال جبريل : انظر إلى الهواء ، فإن الملائكة قد حضرت سرورا بحالك ، كانوا باكين محزونين مدة لأجلك ، وهاجت الفرسان بعضهم في بعض ، وصهلت الخيول ، وسبحت الملائكة ، وضربت الطبول والبوقات ، فصار كأنه يوم القيامة ، قيل وكان دخولهم يوم عاشوراء.
قوله : (فَلَمَّا دَخَلُوا) أي يعقوب وأولاده. قوله : (في مضربه) أي خيمته ، وكان ذلك خارج المدينة على عادة الملوك. قوله : (آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) أي قربهما منه. قوله : (وأمه) أي على القول بحياتها حينئذ ، وقوله : (أو خالته) أي واسمها ليا ، وهذا على القول بموت راحيل ، وقيل المراد بخالته امرأة اخرى غير ليا تزوجها يعقوب بعدهما ، وقيل أحيا الله أمه بعد موتها وسجدت له ، تحقيقا لرؤياه ، والله أعلم بحقيقة الحال.
قوله : (ادْخُلُوا مِصْرَ) هذا الدخول غير الدخول الأول ، لأن المراد به هنا دخول نفس المدينة ، وأما الأول فالمراد دخول خيمته خارج البلد. قوله : (إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) أي من كل مكروه ، لأن الناس كانوا يخافون من ملوك مصر ، فلا يدخلها أحد إلا بجوارهم ، فقال لهم يوسف : ادخلوا مصر آمنين على أنفسكم وأهليكم ، لأنكم أنتم ملوكها ، فلا تخافون من أحد. قوله : (فدخلوا) إلخ ، قدر ذلك إشارة إلى أن قوله : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ) مرتب على محذوف.
قوله : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) يحتمل أن يكون ذلك السجود خارج البلد عند أول اللقاء ، ويحتمل أنه بعد الدخول ، وجلوس يوسف وأبويه على السرير. قوله : (سجود انحناء) أي على عادة تحية الملوك ، وهذا أحد قولين ، وقيل المراد بالسجود حقيقته ، وهو وضع الجبهة على الأرض ، ولا يشكل على هذا أن حقيقة السجود لا تكون إلا الله ، لأنه يقال : إن يوسف جعل كالقبلة لذلك السجود ، وما قيل في سجود الملائكة لآدم يقال هنا. إن قلت : كيف رضي يوسف بسجود أبيه له ، مع كونه أكبر منه ، وكان الواجب مراعاة الأدب؟ أجيب : بأن هذا بأمر من الله تحقيقا لرؤيا يوسف ، لأن رؤيا الأنبياء وحي. قوله : (هذا)