بأنه الخالق الرازق (إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٠٦) به بعبادة الأصنام ولذا كانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك يعنونها (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ) نقمة تغشاهم (مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٠٧) بوقت إتيانها قبله (قُلْ) لهم (هذِهِ سَبِيلِي) وفسرها بقوله (أَدْعُوا إِلَى) دين (اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ) حجة واضحة (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) آمن بي عطف على أنا المبتدأ المخبر عنه بما قبله (وَسُبْحانَ اللهِ) تنزيها له عن الشركاء (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٨) من جملة سبيله أيضا (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي) وفي قراءة بالنون وكسر الحاء (إِلَيْهِمْ) لا ملائكة (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) الأمصار لأنهم أعلم وأحلم بخلاف أهل البوادي لجفائهم وجهلهم (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) أي أهل مكة (فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي آخر أمرهم من إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) أي الجنة (خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) الله (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٠٩) بالياء والتاء أي يا أهل
____________________________________
قوله : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) أي وما يعترف أكثرهم بالتوحيد حيث يقولون : الله هو الخالق الرزاق المعطي المانع وغير ذلك. قوله : (يعنونها) أي الأصنام بقولهم (إلا شريكا هو لك). قوله : (نقمة تغشاهم) أي عقوبة تشملهم وتحيط بهم. قوله : (هذِهِ سَبِيلِي) أي طريقي وشريعتي. قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ) أي أدل الناس على طاعته ودينه. قوله : (حجة واضحة) أي بها يتميز الحق من الباطل. قوله : (عطف على أنا المبتدأ) إلخ ، أي فأنا مبتدأ (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) عطف عليه ، وقوله : (عَلى بَصِيرَةٍ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، فالوقف على قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ) يكون في المقام جملتان : الأولى تنتهي لقوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ) والثانية مبدؤها قوله : (عَلى بَصِيرَةٍ) إلخ ، وهذا ما جرى عليه المفسر في الإعراب. قوله : (من جملة سبيله) راجع لقوله : (وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فهما معطوفان على قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ) كأنه قال : شريعتي أدعو إلى الله وأسبح الله ، وكوني لست من المشركين على بصيرة أنا ومن اتبعني.
قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً) رد على أهل مكة حيث قالوا : هلا بعث الله لنا ملكا ، والمعنى كيف يتعجبون من ذلك ، مع أن جميع رسل الله الذين كانوا من قبلك بشر مثلك. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (لجفائهم) أي غلظ طبعهم ، وهو مقابل لقوله : (وأحلم) ، وقوله : (وجهلهم) مقابل لقوله : (أعلم) فهو لف ونشر مشوش.
قوله : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أعموا فلم يسيروا إلخ ، والاستفهام للتوبيخ. قوله : (فِي الْأَرْضِ) أي في أسفارهم. قوله : (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي كقولهم هود وصالح ولوط وغيرهم ممن هلكوا. قوله : (من إهلاكهم) بيان لآخر أمرهم. قوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) أي الدار الآخرة.
قوله : (خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) أي وأما لغيرهم فليست خيرا لهم لحرمانهم من نعيمها. قوله : (الله) قدره إشارة إلى أن مفعول (اتَّقَوْا) محذوف. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (يا