للمقيم في المطر (وَيُنْشِئُ) يخلق (السَّحابَ الثِّقالَ) (١٢) بالمطر (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ) هو ملك موكل بالسحاب يسوقه ملتبسا (بِحَمْدِهِ) أي يقول سبحان الله وبحمده (وَ) يسبح (الْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) أي الله (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) وهي نار تخرج من السحاب (فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) فتحرقه ، نزل في رجل بعث إليه النبي صلىاللهعليهوسلم من يدعوه ، فقال : من رسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو ، أم فضة ، أم نحاس؟ فنزلت به صاعقة فذهبت بقحف رأسه (وَهُمْ) أي الكفار
____________________________________
السحاب. قوله : (خَوْفاً وَطَمَعاً) منصوبان على الحال من الكاف في يريكم ، وليس مفعولا لأجله ، لعدم اتحاد الفاعل ، فإن فاعل الإرادة الله ، وفاعل الخوف والطمع العبيد ، وبعضهم جعله مفعولا لأجله ، بتأويل يريكم بيجعلكم رائين فتخافون وتطمعون. قوله : (للمسافرين) لا مفهوم له بل المقيمون الذين يضرهم المطر ، كمن يجفف الثمار والحبوب ، وكذلك قوله : (وَطَمَعاً) (للمقيم) إلخ ، لا مفهوم له أيضا ، بل المسافر المحتاج للمطر للشرب مثلا ، كذلك فالبرق تارة يكون خيرا ، وتارة يكون شرا للمسافرين والمقيمين ، فينبغي للإنسان أن يكون دائما خائفا راجيا ، لأن الله تعالى قد يأتي بالخير فيما ظاهره شر ، ويأتي بالشر فيما ظاهره خير.
قوله : (وَيُنْشِئُ السَّحابَ) هو ثمر شجرة في الجنة ، يخلقه الله وينزل فيه الماء من السماء ، فالسحاب من الجنة ، وماؤه من الجنة ، تهب الريح من تحت ساق العرش ، فتخرج الحامل والمحمول من الجنة ، وهذا مذهب أهل السنة ، وقالت المعتزلة : إن السحاب له خراطيم كالإبل ، فينزل فيشرب من البحر المالح ويرتفع في الجو ، فتنسفه الرياح فيحلو ، فينزله الله على من أراد من خلقه. قوله : (هو ملك موكل بالسحاب) إلخ ، هذه هو المشهور بين المفسرين ، وعليه فما نسمعه هو صوت تسبيح الملك الموكل بالسحاب ، فإذا سمعته الملائكة ، ضجت معه بالتسبيح ، فعندها ينزل المطر ، وقيل هو صوت الآلة التي يضرب بها السحاب. قوله : (أي يقول سبحان الله وبحمده) أي تنزيها له عن النقائص ، واتصافا له بالكمالات. قوله : (ملتبسا) أشار بذلك إلى أن الباء للملابسة.
قوله : (وَالْمَلائِكَةُ) قيل المراد بهم أعوان ملك السحاب ، وقيل المراد جميع الملائكة. قوله : (مِنْ خِيفَتِهِ) أي هيبته وجلاله. قوله : (وهي نار) إلخ ، وقيل هي الصوت الشديد النازل من الجو ، ثم يكون فيه نار. قوله : (تخرج من السحاب) أي فإذا نزلت من السماء ، فربما تغوص في البحر فتقتل الحيتان. قوله : (نزل في رجل) أي من طواغيت العرب ، وقد اختصرها المفسر ، وحاصلها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث إليه نفرا من أصحابه ، يدعونه إلى الله تعالى ورسوله ، فقال لهم : أخبرونا ، من رب محمد الذي يدعوني إليه؟ فهل هو من ذهب أو فضة أم حديد أم نحاس؟ فاستعظم القوم كلامه ، فانصرفوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : ما رأينا أكفر قلبا ولا أجرأ على الله تعالى من هذا الرجل ، فقال : ارجعوا إليه فرجعوا ، فلم يزدهم على مقالته الأولى شيئا بل قال أخبث منها ، فرجعوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال لهم : ارجعوا إليه فرجعوا ، فبينما هم عنده يدعونه وينازعونه ، ارتفعت سحابة فكانت فوق رؤوسهم ، فرعدت وبرقت ورمت بصاعقة فأحرقت الكافر وهم جلوس عنده ، فرجعوا ليخبروا النبي صلىاللهعليهوسلم ، فبادرهم وقال لهم : احترق صاحبكم ، فقالوا : من أين علمت؟ قال : قد أوحي إلي (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ). قوله : (بقحف