هي (جَنَّاتُ عَدْنٍ) إقامة (يَدْخُلُونَها) هم (وَمَنْ صَلَحَ) آمن (مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) وإن لم يعملوا بعملهم يكونون في درجاتهم تكرمة لهم (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) (٢٣) من أبواب الجنة أو القصور أول دخولهم للتهنئة يقولون (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) هذا الثواب (بِما صَبَرْتُمْ) بصبركم في الدنيا (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٤) عقباكم (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) بالكفر والمعاصي (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ) البعد من رحمة الله (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٢٥) العاقبة السيئة في الدار الآخرة وهي جهنم (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) يوسعه (لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) يضيقه لمن يشاء (وَفَرِحُوا) أي أهل
____________________________________
قوله : (جَنَّاتُ عَدْنٍ) قدر المفسر (هي) إشارة إلى أن (جَنَّاتُ عَدْنٍ) خبر مبتدأ محذوف ، والمراد بجنات عدن ، الجنة بجميع دورها ، لا خصوص الدار المسماة بذلك. قوله : (هم) (وَمَنْ) إلخ ، قدر الضمير للإيضاح ، وإلا فالفصل حاصل بالضمير المنصوب. قوله : (مِنْ آبائِهِمْ) أي أصولهم وإن علوا ذكورا وإناثا. قوله : (وَأَزْواجِهِمْ) أي اللاتي متن في عصمتهم. قوله : (وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أي فروعهم وإن سفلوا. قوله : (وإن لم يعملوا) أي الآباء والأزواج والذريات. قوله : (تكرمة لهم) أي لأن الله جعل من ثواب المطيع سروره بما يراه في أهله ، ولو كان دخولهم الجنة بأعمالهم الصالحة ، لم تكن في ذلك كرامة للمطيع ، إذ كل من كان صالحا في عمله ، فله الدرجات العلية استقلالا. قوله : (أو القصور) جمع قصر ، وهو كما ورد خيمة من درة مجوفة ، طولها فرسخ وعرضها فرسخ ، لها ألف باب ، مصارعها من ذهب ، يدخلون عليهم من كل باب بالتحف والهدايا ، يقولون : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ). قوله : (أول دخولهم للتهنئة) هذا التفسير لم يره لغير ، بل في كلام غيره ما يدل على خلاف ذلك ، قال مقاتل : إن الملائكة يدخلون في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات ، معهم الهدايا والتحف من الله تعالى ، يقولون : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ). قوله : (يقولون) قدره إشارة إلى أن قوله تعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) في محل نصب مقول لقول محذوف.
قوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أي سلمكم الله من آفات الدنيا ، فهو دعاء لهم وتحية. قوله : (بِما صَبَرْتُمْ) الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمحذوف ، قدره المفسر بقوله : (هذا الثواب) إلخ. قوله : (بصبركم) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية ، تسبك مع ما بعدها بمصدر. قوله : (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) المراد بالدار قيل الدنيا ، وقيل الآخرة. قوله : (عقباكم) قدره إشارة إلى أن المخصوص بالمدح محذوف. قوله : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ) جرت عادة الله في كتابه أنه إذا ذكر أوصاف أهل السعادة ، أتبعه بذكر أوصاف أهل الشقاوة ، وهذه أوصاف أبي جهل ومن حذا حذوه إلى يوم القيامة. قوله : (مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) أي من بعد الاعتراف والقبول.
قوله : (أُولئِكَ) أي من هذه صفاته. قوله : (وهي جهنم) تفسير للعاقبة السيئة. قوله : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) إلخ ، هذا جواب عن شبهة الكفار حيث قالوا : لو كان الله غضبان علينا كما زعمتم أيها المؤمنون ، لما بسط لنا الأرزاق ونعمنا في الدنيا ، فرد الله عليهم شبهتهم بذلك ، والمعنى أن بسط الرزق في