اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) كما استهزىء بك وهذا تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم (فَأَمْلَيْتُ) أمهلت (لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) بالعقوبة (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (٣٢) أي هو واقع موقعه فكذلك أفعل بمن استهزأ بك (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) رقيب (عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) عملت من خير وشر وهو الله كمن ليس كذلك من الأصنام؟ لا. دل على هذا (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ) له من هم (أَمْ) بل أ(تُنَبِّئُونَهُ) تخبرون الله (بِما) أي بشريك (لا يَعْلَمُ) ه (فِي الْأَرْضِ) استفهام إنكار أي لا شريك له إذ لو كان لعلمه ، تعالى عن ذلك (أَمْ) بل تسمونهم شركاء (بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) بظن باطل لا حقيقة له في الباطن (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ) كفرهم (وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ) طريق الهدى (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٣) (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بالقتل
____________________________________
يتفرقوا ويوقد كل شخص نارا على حدة إرهابا للعدو ، ففي صبيحتها حصل الفتح العظيم ودخلوا مكة.
قوله : (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) هذا تنزل من الله سبحانه وتعالى ، حيث عامل عباده معاملة ملك عدل في رعيته ، حيث أمرهم بطاعته المرة بعد المرة وأغدق عليهم النعم ، وكلما عصوه سترهم وأمدهم بالعطايا ، فلما تكرر منهم العصيان وعدم الخوف أخذهم بالعقاب ، فهل هذا ظلم منه أو عدل؟ وجواب الاستفهام أنه عدل لو كان صادرا من سلطان في رعيته ، فكيف من الخالق الذي يستحيل عليه الظلم عقلا؟ قوله : (فكذلك أفعل بمن استهزأ بك) أي لا على العموم إكراما لنبيه صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أعميتم وسويتم بين الله وبين خلقه فمن هو قائم إلخ ، والمعنى أفمن كان حافظا للنفوس ورازقها وعالما بها ، كمن ليس بقائم ، بل هو عاجز عن القيام بنفسه فضلا عن غيره؟ قوله : (لا) هذا هو جواب الإستفهام. قوله : (دل على هذا) أي على الجواب المحذوف ، وهذا نظير قوله تعالى : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) أي كمن قسا قلبه ، يدل عليه قوله (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) ، ونظيره قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) ولكنه صرح فيها بالمقابل.
قوله : (قُلْ سَمُّوهُمْ) أي صفوهم ، وانظروا هل بتلك الأوصاف تستحق العبادة؟ قوله : (من هم) أي بينوا حقيقتهم من أي جنس ومن أي نوع. قوله : (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) إلخ ، أم منقطعة ، فلذا فسرها ببل والهمزة ، والمعنى أتخبرون الله بشريك لا يعلمه في الأرض لعدم وجوده ، إذ لو وجد لعلمه ، وخص بالأرض لكون آلهتهم التي جعلوها شركاء كائنين فيها. قوله : (أَمْ بِظاهِرٍ) أم هنا للإضراب الإبطالي ، ولذا فسرها ببل فقط ، والمعنى أن تسميتهم شركاء ، ظن باطل فاسد لا يعتبر ، وإنما هو اسم من غير مسمى.
قوله : (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) إضراب عن محاججتهم كأنه قال : لا تلتفت لهم ولا تعتبر بهم ، فإنهم لا فائدة فيهم ، لأنهم زين لهم ما هم عليه من المكر والكفر. قوله : (وَصُدُّوا) بضم الصاد وفتحه قراءتان سبعيتان ، والمعنى منعوا عن طريق الهدى ، أو منعوا الناس عنه.