مزاولة العلوم لأهلها ... إلى آخره ) (١) من جهة ما أفاده فيما سيجيء : من كونه أشقّ من طول الجهاد.
وأمّا العمومات المثبتة للتكليف فهي محكومة بالنّسبة إلى ما دلّ على نفي الأمرين من غير فرق بين الصّورتين. هذا مع الإغماض عن كون النّافي لوجوب الاحتياط في المقام العقل بملاحظة لزوم الاختلال ، وتسليم التّوهم المذكور على تقدير الإغماض بالنّسبة إلى ما التزم به المكلّف من الأمور الشّاقة ثانيا ؛ فيفرق بين المريض المجنب عمدا فلا يجب عليه الغسل ، وبين الأجير على الأعمال الشّاقة فيجب عليه الوفاء ؛ من حيث إنّ إيجاب الوفاء في حقّه يرجع إلى إيجاب الوفاء بما التزم على نفسه باختياره كالنّاذر للأمور الشّاقة. فمرجع الجعل في هذا القسم إلى إمضاء ما التزم به المكلّف. وهذا التّسليم لا ينفع المتوهّم في المقام ؛ فإنّه من القسم الأوّل لا الثّاني كما لا يخفى.
وأمّا الثّاني ؛ فلأنّ إيجاب الاحتياط وإن كان عقليّا والحاكم به وإن كان هو العقل المستقلّ إلاّ أنّه كاشف عن حكم شرعيّ مطابق له بقاعدة التّلازم جدّا وإلاّ لم يكن دليلا متّبعا معتبرا فإذا حكم الشّارع بعدم جعل الحكم الحرجي مطلقا سواء كان حكما واقعيّا أو ظاهريّا فيكشف ذلك عن عدم مؤاخذة الشّارع على الواقع المجهول المعلوم إجمالا في موارد تعسّر الاحتياط في تحصيله ، فيرفع موضوع
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٤١٥.