ليس مبناه على الظّن الشّخصيّ على ما بنى الأمر عليه في الجزء الثّالث من « الكتاب » في باب الاستصحاب ـ حسبما سيأتي تفصيل القول فيه ـ بل على الظّن النّوعي الّذي يجامع الظّن على الخلاف ، فضلا عن الشّك في البقاء.
وعلى القول به من باب الأخبار فالمدّعى في كلامه في بابه ـ كما ستقف عليه ـ تواترها إجمالا ، فيخرج عن الخبر الواحد ؛ فالمتعيّن في وجه رفع اليد عنه على التّقديرين ما عرفت : من أنّه بعد بناء العقلاء على سلوك خبر الثّقة وحجيّته عند العقل ، يكون حاكما على الاستصحاب على الوجهين ، فلا يكون رفع اليد عنه في مقابله طرحا لدليل اعتباره ومخالفة له حقيقة.
(١٧٣) قوله قدسسره : ( وأمّا الأصول اللّفظيّة ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٣٤٧ )
في تقديم خبر الثقة على الأصول اللفظية
أقول : قد يناقش فيما أفاده أيضا : بأنّه بعد استقرار طريقة أهل اللّسان على العمل بالأصول اللّفظيّة عند عدم القرينة الصّارفة عندهم عن إرادة مقتضى الظّهور والوضع ، فلا وجه لرفع اليد عنها بمجرّد قيام خبر الثّقة على خلافها ما لم يعلم بحجيّتها عند الشّارع ، بل يكون إمضاء الشّارع لها على الوجه المذكور رادعا عن بناء العقلاء على العمل بخبر الثّقة ، وليس معنى اعتبار الأصول اللّفظيّة عند أهل اللّسان والعرف في محاوراتهم ـ من حيث إنّهم من أهل اللّسان ـ عين معنى اعتبارها عند العقلاء من حيث إنّهم عقلاء ، حتّى يكون شأنها شأن الأصول الثّلاثة