الظّن في المسائل الفقهيّة أحد شقّي الترديد ، ولم يقم بالفرض دليل معتبر على حجيّة بعض الظّنون بخصوصه ـ وإن ظنّ بظنّ لم يعلم اعتباره ـ فلم لا يحكم بتعيّنه ويعدل عنه إلى خصوص المظنون الاعتبار الغير المفيد للظّن بالواقع؟ فتدبّر.
سائر ما استند اليه المحقّق المحشّي قدسسره
ثمّ إنّك إذا عرفت بعض الكلام في هذا الوجه فاستمع لما يتلى عليك ممّا وعدناك من نقل كلامه المتعلّق بذكر سائر الوجوه فقال قدسسره :
« الثّالث : أنّ قضيّة بقاء التّكليف وانسداد سبيل العلم به ـ مع كون قضيّة العقل أوّلا هو تحصيل العلم به ـ هو الرّجوع إلى الظّن قطعا على سبيل القضيّة المهملة ، وحينئذ فإن قام دليل قاطع على حجيّة بعض الظّنون ممّا فيه الكفاية في استعلام الأحكام ، انصرف إليه تلك القضيّة المهملة من غير إشكال ، فلا يفيد حجيّة ما زاد عليه. ولو تساوت الظّنون من كلّ وجه قضى ذلك بحجيّة الجميع ؛ نظرا إلى انتفاء التّرجيح في نظر العقل وعدم إمكان رفع اليد عن الجميع ، وإلى العمل بالبعض دون بعض ؛ لبطلان التّرجيح بلا مرجّح ، فيجب الأخذ بالكلّ حسبما يدّعيه القائل بحجيّة مطلق الظّن.
وأمّا إذا قام الدّليل الظّني على حجيّة بعض الظّنون ممّا فيه الكفاية دون البعض ، فاللاّزم البناء على ترجيح ذلك البعض ؛ إذ لا يصحّ القول بانتفاء المرجّح بين الظّنون.