(٨٥) قوله قدسسره : ( ففيه : أنّ مفهوم الشّرط ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٢٥٧ )
كيفية أخذ المفهوم من القضيّة الشرطيّة
أقول : الوجه فيما أفاده ظاهر لا سترة فيه أصلا ؛ ضرورة أنّ المعتبر في التّعليق على الشّرط كما حقّق في محلّه فيما كان له مفهوم بتبديل كلّ من الشّرط والجزاء بنقيضه مع إبقاء سائر أجزاء القضيّة على حالها في جانب المفهوم. فإذا قال : « إن جاءك زيد فأكرمه ». مثلا ، كان مفهومه سلب الجزاء ، وهو وجوب الإكرام عن زيد عند عدم الشّرط ، وهو مجيء زيد ، لا سلب الإكرام عن عمرو الجائي مثلا ، فإنّه موضوع آخر لم يكن مثبتا في القضيّة أصلا ، فإذا فرض التّعليق على الشّرط في الآية دالاّ على قضيّة أخرى ، يعبّر عنها بالمفهوم ، كانت تلك القضيّة : إن لم يجئكم فاسق بنبأ فلا يجب التّبيّن في نبأه لا إن جاءكم عادل بنبأ فلا يجب التّبين في نبأه فإنّ نبأ العادل ليس من أفراد عدم نبأ الفاسق ، ولو في الجملة ؛ ضرورة أنّ الأمر الوجودي ليس من أفراد العدم ؛ ضرورة تقابل الوجود والعدم. فكيف يمكن تصادفهما؟
نعم ، قد يقارن عدم الشّيء وجود بعض الأشياء أو يلازمه. وأين هذا من التّصادق والفردية؟ فعدم نبأ الفاسق لا يتعدّى عنه ، وليس من أفراده نبأ العادل ، إن تقارن نبأ العادل في الوجود وإلاّ أمكن أن يقال : بأنّ الآية تدلّ منطوقا على عدم حجيّة خبر العادل ؛ بأن يقال : إنّ الآية تدلّ على وجوب التّبين في خبر الفاسق ويشمل بإطلاقها ما لو اجتمع مع نبأ العادل ، فيجب التّبين فيه ، وإن كان المخبر به أمرا واحدا. وهو كما ترى.