القطع بعدم تعمّده للكذب ، فاللاّزم ـ على ما ذكر ـ قبوله ؛ لفرض انتفاء احتمال التّعمّد وانتفاء سائر الاحتمالات شرعا بالأصول العقلائيّة المعتبرة شرعا. بل هو أولى من شهادة العادل مع عدم القطع بانتفاء احتمال التعمّد ، وهكذا الأمر في غير الشّهادة ممّا حكم فيه شرعا بإلغاء خبر الفاسق مطلقا ولو مع القطع بعدم تعمّده للكذب فيما يجري فيه أصالة عدم الخطأ والسّهو ، لا مثل الفتوى ونحوها.
(٩) قوله قدسسره : ( قلت ليس المراد ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٨٣ )
أنحاء اعتبار العدالة في الشرع
أقول : ملخّص الجواب عن السّؤال المذكور : أنّ اعتبار العدالة في الشّرع على أنحاء وأقسام : فإنّه قد يكون اعتبارها بعنوان الطّريقيّة المحضة ـ الّذي عرفت تفصيل القول فيه في طيّ بيان المراد من الآية الشّريفة ـ وقد يكون بعنوان الموضوعيّة المحضة ـ كما في بعض المواضع ـ وقد يكون بعنوان الأمرين ، ويلاحظ فيه الجهتان.
فما كان من الأوّل يحكم بقيام الفاسق مقام العادل عند القطع بعدم عصيانه ، إذا كان هناك أصل شرعيّ أو عقليّ يقتضي مطابقة خبره وفعله للواقع من سائر الجهات.
ومن هنا لا نضايق من القول بجواز توصية الفاسق وتوليته وقيموميّته إذا فرض القطع بعدم خيانته ، بل يجوز العمل له واقعا إن لم نعلم بعدم خيانته ، فيما كان بانيا على إحراز الواقع بينه وبين ربّه ، وإن كنّا نمنعه عن التّعدي فيما لم يعلم بحاله.
وما كان من أحد الأخيرين لا يحكم فيه بقيام الفاسق مقام العادل والتّسوية