الفريقين. وإن انسدّ سبيل العلم به تعيّن الرّجوع إلى الظّن به ، فيكون ما ظنّ أنّه طريق مقرّر من الشارع طريقا قطعيّا حينئذ إلى الواقع ؛ نظرا إلى أنّ القطع ببقاء التّكليف بالرّجوع إلى الطّريق وقطع العقل بقيام الظّن في مقام العلم حسبما عرفت ويأتي. فالحجّة إذن ما يظنّ كونه حجّة وطريقا إلى الوصول إلى الأحكام وذلك إنّما يكون لقيام الأدلّة الظنيّة على كونه كذلك ، وليس ذلك إثباتا للظّن بالظّن حسبما قد يتوهّم ، بل تنزّلا من العلم بما جعله الشّارع طريقا إلى ما يظنّ كونه كذلك بمقتضى حكم العقل حسبما مرّت الإشارة إلى نظيره في الوجه المتقدّم » (١).
سائر الوجوه التي تمسّك بها المحقّق المحشّي
ثمّ ساق الكلام فيما يورد على هذا الوجه والجواب عنه إلى أن قال :
« ثالثها : أنّ الانتقال إلى الظّن بما جعله طريقا إنّما يكون مع العلم ببقاء التّكليف بالأخذ بالطّريق المقرّر بعد انسداد باب العلم به وهو ممنوع ؛ إذ لا ضرورة قاضية ببقاء التّكليف في تلك الخصوصيّة لو سلّم انسداد باب العلم بها بخلاف الأحكام الواقعيّة ؛ فإنّ بعد انسداد باب العلم بها قد قامت الضّرورة ببقاء التّكليف ، وإلاّ لزم الخروج عن الدّين. وهو أيضا في الوهن نظير سابقته ؛ إذ من الواضح أنّ للشّارع حكما في شأن من انسدّ عليه سبيل العلم من وجوب عمله
__________________
(١) هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٥٨.