التّقبيح العقليّ من حيث كون حكمه تابعا للأمر الوجداني لا للأمر الواقعي النّفس الأمريّ حتّى يقبل الشّك في بقائه.
إذا عرفت ما قدّمنا لك من المقدّمة فاستمع لما يتلى عليك في توضيح المقام في موضوعين : أحدهما : في الضّرر الأخروي. ثانيهما : في الضّرر الدّنيوي.
الكلام في الضرر الأخروي
أمّا الأوّل فتحقيق القول فيه : أنّه لا ريب في استقلال العقل وحكمه بوجوب دفع محتمله كمقطوعه من غير فرق بين مراتب الاحتمال ظنّا وشكّا ووهما إلاّ في الوضوح والخفاء ؛ حيث إنّ حكمه بوجوب دفع الموهوم ليس كحكمه به في المشكوك ، وفي المشكوك ليس في الوضوح كحكمه به في المظنون ، كما أنّ في المظنون ليس كحكمه به في المقطوع في كونه بالنّظر الأوّلي وإن كان حكمه في الموهوم ينتهي إلى البديهي الأوّلي فضلا عن حكمه في المظنون ، كما هو الشّأن في جميع النّظريّات.
وتوهّم : عدم حكمه في الموهوم أصلا فاسد جدّا ؛ حيث إنّه مع مخالفته للوجدان السّليم موجب لإقحام الأنبياء وأن لا يكون لله تعالى حجّة على غير النّاظر وعدم حكمه بوجوب شكر المنعم الّذي هو مبنى وجوب معرفة الله تعالى ولو في حقّ المتوهّم فليس حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المظنون من حيث كون الظّن طريقا إلى الضّرر النّفس الأمري وإلاّ لم يتحقّق في المشكوك والموهوم كما لا يخفى.