المجهول عند الحاكم بحيث يلزم وجود الحكم في الواقع من الحاكم مع جهله به ؛ ضرورة استحالة تبعيّة الأمر الوجداني للأمر النّفس الأمري.
وأمّا تقسيم الحكم الشّرعي إلى الواقعي الشّأني والفعلي المنجّز فإنّما هو بملاحظة أمر آخر يرجع إلى المكلّف لا إلى الشّارع الحاكم فلا يعقل جهل الشّارع بحكمه ، وإنّما يتصور جهل الغير بحكم الشّارع. وهذا ليس من جهة كونه شارعا عالما بالغيب معصوما عن الخطأ ، بل من جهة كونه حاكما حسبما عرفت.
ومن هنا قلنا : بامتناع جريان الاستصحاب في الأحكام العقليّة الرّاجعة إلى التّحسين والتّقبيح العقليّين كما يمرّ عليك في باب الاستصحاب ؛ حيث أنّه لا يتصوّر الشّك فيها للعقل ، وحكمنا بفساد القول بجريان استصحاب الاشتغال العقلي والبراءة العقليّة كما ستقف عليه في باب البراءة ، وإن كان الشّك متصوّرا في الحكم الشّرعي المستكشف من الحكم العقلي وإن رجع إلى الشّك في بقاء ما هو المناط والموضوع في نظر الشّارع ومعه لا يجري الاستصحاب أيضا إلاّ أنّه ليس من تلك الحيثيّة كما لا يخفى.
ولذا قلنا بجريان الاستصحاب لإثبات الحكم الشّرعي فيما يرجع الشّك فيه إلى الشّك في بقاء الموضوع في الآن اللاّحق فيما لا يرجع إلى الشّك في موضوعيّة الموضوع كالموضوع الّذي كان مضرّا في السّابق مثلا يقينا ، وشك في بقاء الضّرر فيه من جهة الأمور الخارجيّة ؛ فإنّه لا مانع من استصحاب الضّرر له والحكم من أجله بالحرمة الشّرعيّة ، وإن لم يكن الحكم بالحرمة العقليّة بمعنى