ثمّ إنّ الحكم العقلي المذكور فيما يكون ثابتا كما في موارد عدم معذوريّة الجاهل حسبما عرفت ؛ إنّما يصحّ دليلا على حسن المؤاخذة على الواقع المظنون على تقدير ثبوته واقعا وفي نفس الأمر لا على حجيّة الظّن بالحكم الإلزامي وإلاّ لم يتحقّق في المحتمل ؛ إذ لا يعقل طريقيّة مجرّد الاحتمال. مع أنّك قد عرفت ثبوت حكمه في المحتمل كالمظنون ، وهذا وإن كان أمرا ظاهرا لا سترة فيه بعد التّأمّل فيما ذكرنا إلاّ أنّه كلام آخر لا تعلّق له بالمقام هذا بعض الكلام في الموضع الأوّل.
الكلام في الضرر الدنيوي
وأمّا الموضع الثّاني وهو الضّرر الدّنيوي فتفصيل القول فيه : أنّه لا شبهة في استقلال العقل في الحكم بوجوب دفع مقطوعه ومظنونه. في الجملة ، ولو كان في خصوص ما يوجب هلاك النّفس ، أو يقرب منه عادة.
بل التّحقيق : حكمه بوجوب دفع المحتمل من هذا القسم من الضّرر الدّنيوي الّذي يحكم به مع القطع أو الظّن به في الجملة ، أي : في بعض مراتب الاحتمال ولا ينافي ما ذكرنا في الموضع الأوّل : من حكم العقل بالوجوب في المحتمل من الأخروي مطلقا للفرق بين الضّررين كما لا يخفى ، كالفرق بين مراتب الضّرر الدّنيوي حسبما عرفت.
لكن حكمه بالوجوب فيما يحكم به من الضّرر الدّنيوي حتّى في المقطوع