وهذا معنى عدم إمكان الاستدلال على حجيّة الظّن بقاعدة وجوب دفع الضّرر ، بل قد يتأمّل في إبطال جعله دليلا من جهة الورود المذكور بعد تسليم وجود الموضوع لقاعدة وجوب الدّفع مع قطع النّظر عن حكم العقل في قاعدة قبح العقاب من غير بيان وغيره من أدلّة البراءة ؛ حيث إنّه يجعل بيانا بعد تسليم وجود موضوعه بالملاحظة المسطورة ودليلا ظاهريّا على وجود الحكم الإلزامي ؛ فيجعل واردا على دليل البراءة وإن كان فاسدا بما أشرنا إليه سابقا عن قريب في توضيح ما أفاده قدسسره : من لزوم الدّور في كلامه السّابق في الهامش فتأمّل. فإنّ المقام حقيق بالتأمّل فيه. بل قد يقال برجوع ما أفاده قدسسره في غير موضع من ورود دليل البراءة على القاعدة إلى ما ذكرناه.
وبالجملة : حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المظنون عند الظّن بالوجوب والتّحريم سواء كان في الشّبهة الحكميّة أو الموضوعيّة إنّما يجعل دليلا على عدم معذوريّة المكلّف وحسن عقابه على الواقع المظنون فيما فرض عدم معذوريّة الجاهل من جهة جهله من غير توقّف على كون الظّن دليلا كما في الجاهل المقصّر الّذي منه التّارك للنّظر في المعجزة ، فهذا الدّليل لا يتمّ إلاّ بإرجاعه إلى دليل الانسداد فلا يكون دليلا مستقلاّ على المدّعى كما هو المدّعى.
والقول : بعدم المانع من جعله دليلا مستقلاّ مع توقّفه على ضمّ مقدّمات الانسداد ؛ نظرا إلى أنّه قد يؤخذ مقدّمات دليل في دليل آخر كما في « القوانين ». فيه ما لا يخفى.