أصل تحقّق التّواتر في المقام ؛ من حيث إنّ المعتبر في التّواتر باتّفاقهم رجوع المخبرين إلى الحسّ فيما يخبرون عنه ؛ بمعنى كون المخبر به أمرا حسّيّا ، والمخبر عن الإجماع لا يرجع إلى الحسّ ؛ من حيث إنّ مبنى الإجماع على اتّفاق آراء المجمعين في المسألة المجمع عليها ، وتحصيلها موقوف على الاستنباط وإعمال القوّة النّظرية.
وهي كما ترى شبهة واضحة الدّفع ؛ فإنّ فهم المطالب والآراء من العبارات الواضحة ، يرجع إلى الإحساس جدّا. والمعتبر في التّواتر ، ليس أمرا ينافي ذلك إن كان ظاهر الحسّ في باديء النّظر ، ربّما ينافيه ، لكن التّأمّل الصّادق يشهد : بأنّ المراد منه : ما يشمل المقام قطعا. نعم ، قد يكون مبنى النّقل على استنباط الآراء بإعمال المقدّمات الاجتهاديّة كما ستقف عليه ، لكنّه لا دخل له بمنع إمكان التّواتر في نقل الإجماع.
دخول البحث عن الاجماع في المسائل الأصولية
وممّا ذكرنا في تحرير محلّ البحث ومرجع النّزاع يظهر : دخول المسألة في المسائل الأصوليّة ـ التي يبحث فيها عن عوارض الأدلّة بعد الفراغ عن ثبوت دليليّتها كما هو أحد الوجهين بل القولين ـ فيكون المسائل الباحثة فيها عن حجيّة الأدلّة كحجيّة الكتاب والإجماع داخلة في المباديء التّصديقيّة ؛ ضرورة أنّ مرجع الكلام في المسألة إلى البحث عن ثبوت ما فرغ عن حجّيّته بنقل الواحد كما ثبت بالتّواتر ، لا في أصل حجيّة الإجماع ، فمرجع البحث في المسألة إلى البحث عن عوارض الإجماع المفروغ حجيّته من حيث كونه كاشفا عن السّنة ، كما عليه