منه ؛ إنّما هو من حيث ذات الضّرر وعنوانه بنفسه مع قطع النّظر عن ضمّ عنوان آخر حسن إليه يوجب حسن إرتكابه بالعرض كحكمه بالحسن والقبح في كثير من الموضوعات والعنوانات ؛ فإنّه ليس إلاّ بالملاحظة الّتي ذكرنا. وليس العنوان المعروض للحسن والقبح فيها علّة تامّة لهما في نظر العقل ، بل إنّما هو مقتض لهما.
فإن شئت قلت : إنّهما يعرضان في أكثر الموارد للعنوانات المقيّدة بعدم المزاحم لا المطلقة البسيطة كما في بعض الموارد كقبح الكفر بالله والظلم والمعصية وحسن الإيمان بالله وإطاعته مثلا فإذا حكم الشّارع في مورد بتعريض النّفس للمهلكة فيكشف ذلك عن ضمّ عنوان حسن إلى الضّرر غالب على قبحه. ومن هنا ذكر قدسسره في « الكتاب » : « أنّه يجوز إذن الشّارع في ارتكاب الضّرر المقطوع الدّنيوي فضلا عن المظنون منه » (١) وإن كان مجرّد احتمال ذلك غير مجد في نظر العقل وإلاّ لزم تأثير الأمر النّفس الأمري في الأمر الوجداني وهو محال ظاهر على ما عرفت مفصّلا.
كشف الحكم العقلي عن الحكم الشرعي المولوي
ثمّ إنّ الحكم العقلي المذكور يكشف بقاعدة التّلازم من حيث قابليّة المورد ـ سواء كان في مقطوع الضّرر أو مظنونه ـ عن حكم شرعيّ مولويّ يعاقب على
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٣٧٨.